موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || ارتباك وغموض سياسي في تركيا
اسم الخبر : ارتباك وغموض سياسي في تركيا


دخلت تركيا أمس حالة من الارتباك والغموض داخل أوساطها السياسية و العسكرية بعد يوم من تقديم أربعة من أكبر قادة الجيش استقالاتهم احتجاجا علي اعتقال‏250‏ ضابطا بتهمة التآمر للإطاحة بحكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.

وذلك في أحدث سلسلة من الصراع الدائر بين حكومة حزب العدالة والتنمية ذات المرجعية الدينية الإسلامية, والمؤسسة العسكرية ذات الميول العلمانية.
وكان رئيس هيئة أركان القوات المسلحة التركية الجنرال أشيك كوشانير وقادة القوات البرية والبحرية والجوية قد قدموا استقالتهم أمس الأول- الجمعة- قبيل اجتماع المجلس العسكري الأعلي الذي يجتمع مرتين سنويا لبحث ترقيات في صفوف الجيش.
وأوضح كوشانير سبب استقالته في بيان رسمي باسم رسالة وداع لإخوة السلاح أنه من المستحيل بالنسبة له الاستمرار في عمله لأنه غير قادر علي الدفاع عن حقوق رجال اعتقلوا نتيجة عملية قضائية فاسدة.
وأضاف في بيانه أنه من بين اهداف تلك التحقيقات والاعتقالات لضباط الجيش هي إعطاء الرأي العام انطباعيا بأن الجيش مؤسسة اجرامية, واتهم كوشانير وسائل الاعلام التركية بـ فبركة الأخبار وتشجيع الأمة علي اتخاذ موقف معاد من الجيش.
وتأتي تلك الاستقالات الجماعيةالتي تعد الاولي منذ قيام الجمهورية التركية عام1923- بعد عدة تطورات شهدتها أنقرة في الفترة الاخيرة اهمها احتجاج الجيش علي اعتقال مئات من الضباط العام الماضي لاتهامات بالتورط فيما أطلق عليه اسم عملية المطرقة, وهي مؤامرة تزعم حكومة اردوغان بأن الجيش خطط لها في عام2003 لقلب نظام الحكم, حيث توجد حوالي250 شخصية عسكرية حاليا في السجن بينهم173 كانوا في الخدمة و77 من المتقاعدين, ومعظمهم محبوس بتهم تتعلق بمؤامرة المطرقة التي يؤكد الضباط انها مجرد مناورة حربية, ويقولون إن الدليل ضدهم تم تلفيقه.
وتصاعدت حدة الازمة ايضا بعد ان قبلت محكمة تركية أمس الاول عريضة اتهام في مخطط عسكري مزعوم آخر, وطلب ممثلو الادعاء اعتقال22 شخصا بينهم قائد الجيش في منطقة إيجة وستة ضباط جيش آخرين برتبة جنرال وأميرال.
ووصفت صحيفة أقسام التركية الأمر بأنه عبارة عن عريضة اتهامات تسبب أزمة في قضية يتهم فيها الجيش بإنشاء مواقع إليكترونية مضادة للحكومة.
كما رددت وسائل الاعلام التركية أن اختلافات حول تعيينات كبيرة جديدة في صفوف الجيش هي التي دفعت الجنرالات إلي الاستقالة.
ويذكر ان العلاقات بين الجيش العلماني وحكومة حزب العدالة والتنمية التي يتزعمها اردوغان, المحافظة اجتماعيا, متوترة منذ تولي الاخيرة السلطة للمرة الاولي في2002 بسبب انعدام الثقة في الجذور الاسلامية للحزب, ومضت سنوات كان يحتمل علي نحو كبير ان يقوم فيها جنرالات الجيش التركي بانقلاب عسكري بدلا من الاستقالة, لكن أردوغان أنهي عهد سيطرة الجيش الذي قام بانقلاب عسكري عام1982, من خلال سلسلة من الاصلاحات التي تهدف الي زيادة فرص تركيا للانضمام الي الاتحاد الاوروبي.
ويذكر أن أكثر من40 جنرالا في الخدمة, أي حوالي عشر القادة الاتراك, قيد الاعتقال بتهم تتعلق بمؤامرات مختلفة لإسقاط حزب العدالة والتنمية, حيث يشير بعض المحللين الي ان الاعتقالات اضعفت المعنويات ونشرت مناخا من عدم الثقة والشك بين فيالق الضباط, وكان كثيرون يتطلعون إلي كوشانير لاتخاذ موقف منذ تعيينه في اغسطس الماضي.
وعلي الصعيد ذاته, اهتمت وسائل الاعلام التركية بالاستقالة الجماعية لقادة الجيش, حيث نشرت صحيفة صباح التركية موضوعا بعنوان زلزال4 نجوم, وأشارت صحف أيضا إلي انتقاد كوشانير لتناول الإعلام لشئون الجيش.
وفي خطوة سريعة لاحتواء الازمة, أصدر مكتب رئيس الوزراء أمس بيانا أعلن فيه تعيين قائد قوات الدرك الشرطة العسكرية الجنرال نجدت أوزيل في منصب قائد القوات البرية وقائما بأعمال رئيس الاركان خلفا للجنرال كوشانير.
كما تعقد خلال ساعات قمة ثلاثية يرأسها الرئيس التركي عبد الله جول ورئيس الحكومة رجب طيب اردوغان ووزير الدفاع في محاولة لتجاوز الأزمة.
وأكدت مصادر إعلامية أن هناك احتمالات قوية بتولي أوزيل منصب رئاسة الأركان بعد توليه منصب قيادة القوات البرية, حيث تقضي التقاليد العسكرية المتعارف عليه بأن يكون أعلي منصب في الجيش من نصيب قائد القوات البرية.
وأكد البيان ان القوات المسلحة التركية ستواصل اداء واجبها بروح الوحدة, وان اجتماع المجلس العسكري الاعلي لتحديد الترقيات سيعقد في موعده المقرر غدا الاثنين.
وفي أول رد فعل امريكي علي تلك الاحداث, أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية مارك تونر ان الولايات المتحدة لديها ثقة في تركيا, رافضا التعليق علي الاستقالات العسكرية.
وقال تونر لدينا ثقة في قوة المؤسسات التركية سواء الديمقراطية او العسكرية, وهذا شأن داخلي, واضاف نعتبر تركيا حليفا قويا في حلف شمال الاطلنطي( الناتو) وبيننا تعاون أمني قوي.

تاريخ الاضافة: 31/07/2011
طباعة