موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || ألمانيا تدخل السباق علي ثروات إفريقيا‏!‏
اسم الخبر : ألمانيا تدخل السباق علي ثروات إفريقيا‏!‏


منذ ايام أعلن وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله في مؤتمر صحفي الخطوط العريضة للسياسة الألمانية الجديدة في إفريقيا والتي تم بلورتها علي مدي عام كامل من المشاورات شاركت فيها جميع الوزارات الألمانية المعنية بإفريقيا وفي مقدمتها وزارتا الخارجية والتنمية والتعاون الدولي‏.‏

وسعت الحكومة الألمانية لإستبدال الصورة النمطية لها كإحدي أبرز الدول الغربية المانحة للمساعدات للقارة الإفريقية وإستخدمت مصطلح الشراكة البراق لوصف العلاقة التي تعتزم أن ترتبط بها مع الدول الإفريقية في المستقبل تحت شعار' شراكة متساوية طويلة الأمد مع إفريقيا'. وحدد فيسترفيله أهم اهداف السياسة الألمانية الجديدة في إفريقيا بالسعي لتحقيق السلام والأمن والرخاء في القارة السوداء وذلك من خلال التعاون مع الدول الإفريقية التي ستلتزم بحقوق الإنسان والحكم الرشيد والتحرك نحو الديموقراطية, وفي المقابل فإن المانيا ستدعم حصول إفريقيا علي مقعد دائم في مجلس الأمن وستعمل علي فتح الاسواق الاوروبية أمام المنتجات الإفريقية وتوافر شروط عادلة للتجارة مع الدول الإفريقية والأهم من ذلك كله, كما يؤكد فيسترفيله, أن المانيا لاتهدف لإستغلال دول القارة بحثا عن مكاسب إقتصادية قصيرة المدي وإنما ترغب في شراكة متساوية لا تكون فيها المانيا دولة مانحة والدول الإفريقية دولا متلقية للمساعدات التنموية وإنما تتحق فيها الفائدة للطرفين معا. ووجه فيسترفيله إنتقادا غير مباشر لدول واعدة إقتصاديا في مقدمتها الصين تستغل ثروات الدول الإفريقية من المواد الخام دون مراعاة لإنتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من القيم العالمية.
وأشعلت السياسة الالمانية الجديدة في إفريقيا جدلا واسعا اطرافه الإتحادات الإقتصادية والصناعية والتجارية من جهة ومنظمات الإغاثة والتنمية وأحزاب المعارضة من جهة اخري. فقد رحب ممثلو الصناعة والإقتصاد بالخطة لأنها تراعي بشكل واضح مصالح المانيا الإقتصادية في إطار سياسة تنموية المانية جديدة تربط المساعدات للدول الإفريقية بإقامة مشروعات تشارك فيها الشركات الالمانية وبذلك يتم ضخ الاموال أو جزء كبير منها لدفع الإقتصاد الألماني نفسه. واشاد إتحاد الغرف التجارية والصناعية الالماني بتوازن السياسة الجديدة لأنها ستربط المساعدات صراحة بتحقيق تقدم في مجال الديموقراطية والحكم الرشيد وهو ما سينعكس من ناحية علي إستقرار ونمو إقتصاديات هذه الدول ومن ناحية اخري علي تحقيق الشفافية في الإستثمارات الأجنبية. وستستفيد من ذلك الشركات الألمانية التي تعاني من ضعف القوي الشرائية للاسواق الإفريقية في ظل إرتفاع اسعار المنتجات الألمانية رغم جودتها العالية. كما ستستفيد الشركات الألمانية من أجواء الشفافية والمنافسة الحرة بعيدا عن التعاون مع نظم سلطوية يسودها الفساد وسداد الرشاوي.
ويشير هايكو شفيدروفسكي المسئول في الاتحاد إلي أن المانيا التي تعتمد اعتمادا رئيسيا علي إستيراد المواد الخام لايمكنها أن تنسحب من المنافسة من إفريقيا بما تملكه من ثلث المواد الخام في العالم, رغم إعتراف الخبير بأن المانيا خسرت بالفعل السباق مع دولة كالصين تقيم مشروعات البني الاساسية في انحاء القارة الإفريقية مقابل حقوق إستغلال المواد الخام وإستثمرت عام2009 وحده عشرة مليارات دولار. لذا, كما يقول شفيدروفسكي تلجأ الشركات الألمانية المتوسطة التي تشكل عماد الإقتصاد الألماني, إلي إبرام شراكات مع نظيرتها الصينية في إفريقيا. ولكنها تراهن ايضا علي نفوذ الحكومة الألمانية في الدول الإفريقية وسمعتها الطيبة في الدول التي لا تربطها بها ماض إستعماري.
من جهة أخري إنتقد إتحاد يضم120 منظمة تنمية غير حكومية في المانيا تشرف علي المساعدات الإنسانية والتنموية في إفريقيا التحول الواضح في السياسة الالمانية تجاه إفريقيا من سياسة تهتم بمكافحة الفقر في القارة وجعلت ذلك الهدف محورا لها علي مدي عقود, إلي سياسة تضع المصالح الألمانية وفتح الاسواق أمام الاقتصاد الألماني وربط التعاون التنموي بدعم الإقتصاد الالماني هدفا لها, دون إهتمام حقيقي بتطوير إقتصاديات هذه الدول ومتجاهلة لاهداف الألفية التي ألزمت المانيا نفسها بها بزيادة مساعدات التنمية لدول القارة الإفريقية. وقد رد جونتر نوكه مفوض الشئون الإفريقية للحكومة الألمانية ردا يلخص الموقف الألماني قائلا أن المانيا تريد أن تمزج بين مصالحها وبين نشر قيم معينة في إفريقيا وأنه لا مانع من إنتهاج سياسة المانية أنانية ولكنها بعيدة النظر في إفريقيا تقوم علي نشر مبادئ دولة القانون وحماية حقوق الإنسان والديموقراطية من الواضح أن المانيا لم يعد امامها بديل سوي أن تخوض علانية الصراع العالمي علي المواد الخام ومصادر الطاقة في القارة السمراء وهو ما وضعت الآن رسميا إطاره السياسي في حين بدأ ت برلين بالفعل منذ فترة السير في طريقين متوازيين: فهي تنتهج سياسة دبلوماسية نشطة في دول القارة الغنية بالنفط والغاز والمعادن النادرة المستخدمة في التقنيات الحديثة وغيرها من المواد الخام وخاصة في غرب إفريقيا, فابرمت علي سبيل المثال شراكة للطاقة مع نيجريا وانجولا كما تدعم مشروع ديزرتك لتوليد الطاقة الشمسية في صحراء شمال إفريقيا. ومنذ أسابيع قليلة اجري وزير التعاون الدولي ديرك نيبل مفاوضات هامة في ليبيريا, التي تملك اكبر احتياطي عالمي من خام الحديد. وتسعي الشركات الألمانية لضمان حصة ثمينة من حقوق استخراج الحديد هناك بعد أن ابرمت ليبريا في العام الماضي وحده عقودا بعشرة مليارات دولار لإستخراج الحديد إستفادت منها شركات بريطانية واسترالية وبرازيلية. من ناحية أخري تدرس الحكومة الألمانية مبادرة صناعية غير مسبوقة لكي تتحول إلي أول دولة تستخلص المواد الخام بشكل كامل من مخلفاتها الصناعية.مواد مثل الكوبالت والإنديوم والجاليوم والنحاس وغيرها الموجودة بكميات هائلة في التليفونات المحمولة والسيارات و الأجهزة الإلكترونية المستعملة والتي سيتم تدويرها في المستقبل بطريقة تقلل من إعتماد المانيا علي إستيراد هذه المواد الخام من الخارج.

تاريخ الاضافة: 25/06/2011
طباعة