موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || (( رسالة إلى عيسى بن مريم ))
اسم المقالة : (( رسالة إلى عيسى بن مريم ))
كاتب المقالة : منقول

 



آل عمــران
عذرا وألف عذر منكم يا آل عمران الكرام،عذرا وألف عذر منكم يا سلالة الطهر والعفّة وأنتم الذين برّأتكم السماء، لا بل وأنتم الذين راحت أسماؤكم تتردد على ألسنتنا نحن المسلمين قرآنا نتعبد بذكركم لله رب العالمين، ولكن العذر عند كرام الناس مقبول

هل هناك أكرم منكم يا آل عمران، والله عز وجل قال فيكم في قرآنه :{إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم} (آل عمران: 33-34)، وهل هناك أكرم منك يا أمّنا البتول الطاهرة، أيتها العذراء أطهر من ماء الطهر وأنقى من النقاء وأصفى من الصفاء وأشرف من الشرف، يا من قال الله فيك :{ وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} (آل عمران: 42)، ويا من قال فيك رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم : { خير نساء العالمين أربع (خديجة زوج محمد، وفاطمة بنت محمد، ومريم ابنة عمران، وآسيا زوج فرعون) }.

يا أم المسيح الطاهرة
أنتِ التي سلّمك الله وابنك من الشيطان ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من مولود يولد إلا وهو يبكي من مسّة مسّها الشيطان إلا المسيح وأمّه» ثم تلا عليه الصلاة والسلام قول الله على لسان أم مريم لمّا نذرت لله فرزقها الله بمريم { فلمّا وضعتها قالت ربِّ إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بكَ وذريّتها من الشيطان الرجيم} (آل عمران : 36).
أيها الصدّيق وابن الصديقة، يا رسول الله، حقّا لقد ظلموك، ظلمك كل أولئك الذين ابتعثك الله سبحانه لتردهم الى الجادة، تلك الخراف التي ضلّت الطريق وأوشكت أن تكون فريسة الشياطين كما تكون الخراف فريسة الذئاب .
ظلمـــــوك
يا سيدي يوم أن قالوا إنك ابن الزنا، حيث رموا أمك الطاهرة بيوسف النجار، { كبُرَت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا}.
ظلمــــوك
يوم كفروا بك رغم أنهم رأوك تبرئ الأكمه والأبرص، وتحيي الموتى بإذن الله وزعموا أنك ساحر، وظلموك يوم طاردوك يريدون قتلك، لا بل إنهم الذين وشوا بك الرومان حسدا من عند أنفسهم فنجّاك الله منهم ورفعك إليه، وظلمك كل الذين قالوا انك أنت الله والذين قالوا أنك ابن الله، وأنت الذي قلت { إن الله ربي وربّكم فاعبدوه، هذا صراط مستقيم} (آل عمران: 51).
ظلموك يا سيدي لمّا أنك حدّثتهم وبشّرتهم بأخيك محمد الذي سيأتي من بعدك فزعموا أنك ساحر وبك مسّ من الشيطان ، نعم وأنت الذي قال الله سبحانه في قرآنه مؤكدا على بشارتك تلك بأخيك محمد صلى الله عليه وسلم{وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد، فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين} (الصف:6).

ظلمــــــوك
يا سيدي وأنصفناك حتى ظنوا أنهم يحسنون إليك بأن قالوا فيك ما لم تقله أنت عن نفسك وقد ذكر القرآن هذا في حوار بينك وبين ربك وربنا يوم القيامة {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق، إن كنت قلته فقد علمتَه، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علاّم الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} (المائدة 116-118)، هذه الآية ولوقعها على النفوس المؤمنة { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} فقد ظلّ يرددها أخوك محمد صلى الله عليه وسلم لما أُنزلت إليه عندما قام الى الصلاة وراح يبكي وهو يرددها حتى الصباح.

ظلمــــــوك
يا سيدي وأنصفناك لما قال الله سبحانه في أتباعك الحقيقيين أنهم أكثر مودة ورحمة وحنانا {ولتجدنّ أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون} (المائدة: 82) ، كما أنه سبحانه الذي أثنى، في كتابه المنزل على أخيك محمد صلى الله عليه وسلم ،على أتباعك الذين ساروا على هديك وتخلّقوا بأخلاقك، فقال :{ وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة} (الحديد: 27).
إننا نقف خاشعين عند عتبات أمك وأمنا مريم، عند عتبات الطهر والتقوى والفضيلة والعفّة والشرف، نقف خاشعين نقول لكم: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، السلام عليكم يا آل عمران، السلام عليك يا مريم، السلام عليك يا عيسى ابن مريم، السلام عليك والعهد لك بأن نبقى الأوفياء ونحن ننتظر يوم العودة، فإن طال بنا العمر بأن نكون سهاما في جعبتك وعيدانا في حزمتك ونحن نبلغك سلام أخيك محمد صلى الله عليه وسلم لما أوصانا وقال :«إني لأرجو إن طال بي عمر أن ألقى عيسى ابن مريم فإن عجّل بي موت فمن لقيه منكم فليقرئه مني السلام»،
فالسلام عليكم يا عيسى ابن مريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وأخيرا وإنه الوعد والقسم لك
أننا لن نغفر لمن ظلموك ...
أننا لن نغفر لمن ظلموك ....
أننا لن نغفر لمن ظلموك.


 

تاريخ الاضافة: 07/11/2010
طباعة