موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || العرب في السويد: ما حقيقة ما أشيع عن انتزاع أطفال مهاجرين عرب من عائلاتهم؟
اسم الخبر : العرب في السويد: ما حقيقة ما أشيع عن انتزاع أطفال مهاجرين عرب من عائلاتهم؟


"كافحت كثيرا لإعادة طفلتي إلى السويد خشية تزويجها في سن مبكرة. مرت الأمور بشكل عادي لفترة وجيزة. وبعد انتهاء العطلة الصيفية، ذهبت الطفلة إلى المدرسة وأبلغت رفيقاتها بأنها متزوجة فما كان من المدرسة إلا أن أبلغت "السوسيال"، ليتطور الأمر بسرعة وينتهي بقرار بانتزاع الصغيرة مني رغم حرصي على إطلاعهم بكل التفاصيل".

هذا خلاصة ما تحكيه "هدى"، التي فصلت عن ابنتها البالغة من العمر 11 سنة.

وهي إحدى عشرات القصص لعائلات مهاجرة تظاهرت مؤخرا للمطالبة باسترجاع أطفالها بعد أن سحبتهم هيئة الخدمات الاجتماعية السويدية.

ولا يعد إجراء سحب الأطفال أمرا جديدا في السويد، شأنها في ذلك شأن معظم الدول الأوروبية الموقعة على اتفاقيات أممية لحماية حقوق الطفل. ولا يقتصر تطبيق هذا الإجراء على الأسر المهاجرة، بل يشمل عائلات من كافة شرائح المجتمع السويدي ممن "ثبت سوء معاملتها لأطفالها".

لكن القضية برزت بشكل واضح في السنوات الأخيرة.ويفسر البعض أسباب تصاعد الحديث عن قضايا سحب الأطفال مؤخرا بارتفاع عدد الأسر اللاجئة إلى السويد، إضافة للفجوة الثقافية والاختلاف الجذري في أساليب تربية الأطفال.

كما سبق أن سلط موقع "سراج" التابع للوحدة السورية للصحافة الاستقصائية "، الضوء على تجارب مشابهة مرت بها بعض العائلات السورية اللاجئة للسويد عام 2019.

فما وراء الحملات المنتشرة مؤخرا؟ وماذا نعرف عن هيئة الخدمات السويدية؟

قصة قديمة متكررة

برزت القضية مجددا هذه السنة بعد أن سجل الناشط السوري السويدي، جورج توما، عبر يوتيوب لقاء بالزوجين السوريين دياب طلال وأمل شيخو.

ظهر الزوجان في فيديو وهما يستجديان العرب مساعدتهما بعد أن انتزعت السلطات السويدية أطفالهما منهما.

ويقول الزوج إن السلطات سحبت أطفالهما الخمسة منذ وصولهم إلى السويد عام 2011. ومن بينهم طفلة انتزعتها السلطات بعد مولدها بفترة وجيزة.حظيت قصة دياب بتفاعل عربي واسع، ودفعت نشطاء إلى إطلاق حملة بعنوان "أوقفوا خطف أطفالنا" لتسليط الضوء على ما تعيشه بعض العائلات اللاجئة في السويد.

ويجادل بعض اللاجئين السوريين والمتعاطفين معهم بأن السلطات تتعمد فصلهم عن أطفالهم لأسباب واهية ويصرون على وصف ما حدث بأنها حملة "تستهدف المسلمين دون غيرهم".

وقد تبنت عشرات الحسابات والقنوات العربية التي يتابعها الآلاف عبر مواقع التواصل، تلك الحملة. ومن بينها صفحة" شؤون إسلامية" التي اختارت عناوين وشعارات اختلف كثيرون حولها. فمنهم من أيدها ومنهم من وصفها بـ "المُغالاة".

بينما تنفي الحكومة السويدية المزاعم التي تحدثت عن قيام دائرة الخدمة الاجتماعية في البلاد بـ"خطف أطفال مسلمين".

وفي سلسلة تغريدات على تويتر، وصفت وزارة الخارجية السويدية المعلومات المتداولة بأنها "مضللة بشكل خطير وتهدف إلى خلق جو متوتر" مضيفة أن "جميع الأطفال في السويد يتمتعون بالحماية والرعاية دون أي تفرقة بموجب التشريعات السويدية، واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل".

ماذا نعرف عن هيئة الخدمات السويدية؟

  • ارتبط الحديث عن السويد برغد العيش والرفاهيّة الاجتماعية العالية التي يتمتع بها مواطنوها.
  • كما تُصنف الدولة الإسكندنافية على أنها إحدى أفضل دول العالم لتنشئة الأطفال وفقا لمجلة "سي. إيه.وه. ورلد" الأمريكية.
  • وتعد دائرة الشؤون الاجتماعية، المعروفة اختصارا بـ"السوسيال" في السويد، المؤسسة المسؤولة قانونيا عن ضمان تنشئة الطفل في بيئة صحية وآمنة.
  • وقد تأسست دائرة "السوسيال" بهدف حماية الطفل عندما يكون عرضة للإهمال الواضح، كأن يتعرض للعنف الجسدي والنفسي، أو كأن يكون أحد أفراد الأسرة مدمنا للمخدرات.
  • وفي حال تلقت هذه المؤسسة معلومة بوجود خطر يهدد الطفل، فيحق لها سحبه بسلطة القانون وفتح تحقيق في الأمر، ثم وضعه عند "عائلة مضيفة" بموجب قرار يصدر عن المحكمة الإدارية في كل بلدية.
  • ومن المهام الأخرى التي تختص بها دائرة الشؤون الاجتماعية: تقديم الدعم المالي والاجتماعي للعاطلين عن العمل وذوي الاحتياجات الخاصة، وحماية النساء المعنفات، ورعاية كبار السن والمهاجرين.

كما تحرص المؤسسة على "تعزيز العلاقات داخل المجتمع وبناء الفرد"، وفقا لفاروق الدباغ، الاستشاري في السلوك المعرفي والموظف في دائرة الشؤون الاجتماعية السويدية.

ويلفت الدباغ في حديثه معنا إلى أن السويد "تُركز دائما على الفرد، إذ لا تهتم في قوانينها بفكرة العائلة بقدر ما تهتم بسلامة الفرد. فقد يكون رب العائلة إنسانا غير ملائم ما ينعكس سلبا على باقي أفراد الأسرة، خاصة الأطفال".

وإذا شكت دائرة الخدمات الاجتماعية أن أحد الوالدين أو كليهما غير قادر على رعاية الأطفال، ستباشر فورا باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الطفل وفقا للمادة 1990:52 من قانون الرعاية الاجتماعية.

ويشير الدباغ إلى أن دور "السوسيال" هو تطبيق القانون فقط، مضيفا أن هناك "آليات ونصائح وتحقيقات طويلة تسبق عملية سحب الأطفال من ذويهم".

ويردف محدثنا أن القرار النهائي في مثل هذه الحالات يعود للقضاء، موضحا أن "حرمان طفل من رعاية والديه هو آخر خطوة يمكن أن تُقدم عليها دائرة الشؤون الاجتماعية".

آليات سحب الأطفال

يبدأ التحقيق مع أي عائلة بعد ورود شكوى ضدها تُعرف باسم "بلاغ القلق". وعادة ما يتم ذلك عبر حالتين:

  • عندما يتقدم أحد الوالدين أو الطفل نفسه بشكوى تفيد بتعرضه لسوء المعاملة أو الضغط النفسي.
  • عندما تتلقى هيئة الشؤون الاجتماعية بلاغا من طرف ثالث، كمدرسة الطفل أو الممرض أو الأصدقاء أو الجيران.

ويلزم القانون المدرسين أو الممرضين بالتقدم ببلاغ في حال وجود مخاوف أو شكوك بشأن سلامة الطفل.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، قد يتضمن البلاغ شكوى من ممرضة تتهم فيها عائلة بالإهمال بسبب عدم عنايتها بصحة فم ابنها وتنظيف أسنانه لسنوات متتالية.

ويقدر عدد "بلاغات القلق" التي تصل لهيئة الشؤون الاجتماعية بـ 300 ألف بلاغ سنويا.

ومن بينها 180 ألف حالة متعلقة بالأطفال، بحسب إحصاءات مجلس الخدمات الاجتماعية وهيئة الإحصاء السويدية.

تاريخ الاضافة: 25/02/2022
طباعة