موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || يوم الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (1 )
اسم المقالة : يوم الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (1 )
كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر


الحمد لله الجبار المعبود، الذي أباد بسطوته قوم نوح، وأهلك عاد وقوم هود، وأعاد من بعد عاد دائرة السوء على ثمود، وسلط ضعيف البعوض على النمرود، وأغرق فرعون وقومه لما تلاطمت عليهم الأمواج الصدود، وأعمى بصائر الجاحدين ففي أعناقهم أغلال وفي أرجلهم قيود " فالذين كفرو قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود. واشهد إن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك, وله الحمد وهو علي كل شيء قدير عز فلا تـراه الظنـون وجـل فلا يعتريه المنـون تفـرد في مـلكه بالبقاء وكل الورى بالفناء ذاهبون ويفعل في خلقه ما يشاء بغير اعتراض وهم يسألون. وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، إذا ما شئت في الدارين تسعد فكثر في الصلاة على محمد ، وان شئت قبـول لها يقيـنا فختم بالصلاة على محـمد ،وقل يارب لا تقطع رجائي وكن لي بالصلاة على محمد وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين.

أما بعــــــــد

في مثل هذا اليوم يوم في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة الموافق 13 مارس 624م ، كان موعد ولقاء رتبه رب الأرض والسماء بين أولياء الرحمن وعباده المخلصين بقيادة سيد الأنبياء وزعيم المجاهدين ، وبين أولياء الشيطان أعداء الرحمن بقيادة صناديد الكفر أبو جهل  وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة، ليكن هذا اليوم ذكرى وعلامة فاصلة ويوم مجيد أعز الله فيه الإسلام والمسلمين وأذل فيها الكفر والكافرين، وكم نحتاج لهذه الذكرى تشد أزرنا ونرفع هاماتنا ونخرج الوهن من قلوبنا، ونخلع ثياب الذل والهوان، لنعيد أمجاد هؤلاء. ونَعد العُدة لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.


 غزوة بدر في القرآن

قال تعالى: (وإِذْ غَدَوْت مِنْ أَهْلِك تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَعِدَ لِلْقِتَالِ وَ اللّهُ سمِيعٌ عَلِيمٌ، إِذْ هَمّت طائفَتَانِ مِنكمْ أَن تَفْشلا وَ اللّهُ وَلِيهُمَا وَ عَلى اللّهِ فَلْيَتَوَكلِ الْمُؤْمِنُونَ، وَ لَقَدْ نَصرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنتُمْ أَذِلّةٌ فَاتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُمْ تَشكُرُونَ، إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَ لَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدّكُمْ رَبّكُم بِثَلَثَةِ ءَالَفٍ مِّنَ الْمَلَئكَةِ مُنزَلِينَ، بَلى إِن تَصبرُوا وَ تَتّقُوا وَ يَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبّكُم بخَمْسةِ ءَالَفٍ مِّنَ الْمَلَئكَةِ مُسوِّمِينَ، وَ مَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلا بُشرَى لَكُمْ وَ لِتَطمَئنّ قُلُوبُكُم بِهِ وَ مَا النّصرُ إِلا مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الحْكِيمِ، لِيَقْطعَ طرَفاً مِّنَ الّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائبِينَ، لَيْس لَك مِنَ الأَمْرِ شىْءٌ أَوْ يَتُوب عَلَيهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنّهُمْ ظلِمُونَ، وَ للّهِ مَا فى السمَوَتِ وَ مَا فى الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ وَ يُعَذِّب مَن يَشاءُ وَ اللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ ) آل عمران: 121ـ129.

وقال تعالى: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ۚ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ ۙ وَلَٰكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) الأنفال: 42ـ44.

وقال تعالى: (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ، ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) الأنفال: 50ـ51. وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ، الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ، مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ،  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الأنفال: 65ـ71.


غزوة بدر في السنة


أسباب معركة بدر:

عن عروة بن الزبير قال: " سمع رسول الله Mohamed peace be upon him.svg بأبي سفيان بن حرب في أربعين راكبا من قريش , تجارا قافلين من الشام فخرج رسول الله Mohamed peace be upon him.svg فتكلم، فقال: إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا "، فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة فقال: " لا، إلا من كان ظهره حاضراً.


أحداث معركة بدر:

عن علي قال: لقد رأيتنا ليلة بدر وما منا إنسان إلا نائم " إلا رسول الله Mohamed peace be upon him.svg فإنه كان يصلي إلى شجرة ويدعو حتى أصبح وهو يقول "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم " فأخذ أبو بكر بيده وقال: حسبك يا رسول الله فقد ألححت على ربك " فخرج رسول الله Mohamed peace be upon him.svg وهو في الدرع يقول: {سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} وعن عبد الله بن ثعلبة العذري قال: إن أبا جهل قال حين التقى القوم: اللهم أقطعنا الرحم وآتانا بما لا نعرفه فأحنه الغداة , فكان المستفتح.  وعن أبي أسيد الساعدي قال: (قال لنا رسول الله Mohamed peace be upon him.svg يوم بدر حين صففنا لقريش وصفوا لنا: " إذا أكثبوكم - يعني إذا غشوكم - فارموهم بالنبل واستبقوا نبلكم


بدء الغزوة

سار الرسول Mohamed peace be upon him.svg إلى بدر، وخفض أبو سفيان ولحق بساحل البحر، وعندما رأى أنّه نجا وقد كسب العير أرسل إلى قريش بأن يرجعوا، فقد خرجوا لإحراز العير وها هو قد أحرزه، فوصل قريش الخبر وهم بالجُحفة، فبادروا بالجروع حتّى أوقفهم أبو جهل وأمرهم بإكمال المسير وصولاً إلى بدر، ليقيموا فيها ويطعموا من أحضروا من العرب؛ فتُصبح لهم هيبة ويخافهم العرب بعد ذلك، فأكملوا المسير وسار الرسول Mohamed peace be upon him.svg حتّى وصل عشاءً في مياه بدر. استشار الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه حول مكان النزول، فأشار الخباب بن المنذر بالنزول إلى قُلُب، فهي كثيرة الماء العذب، يسبقون القوم إليها ويحبسون ما سواها من الماء عنهم. بعث الرسول صلى الله عليه وسلم علياً وسعداً والزبير إلى بدر يتحسسون الاخبار، وجاؤوا بأنّ قريشاً وراء الكثيب، وقدّر عددهم بين تسعمائة إلى ألف مقاتل. أنزل الله تعالى المطر الكثير في تلك الليلة، مما أعاق تقدّم المشركين، وقد كان المطر على المسلمين خيراً أصابهم، حيث طهّرهم وأبعد عنهم رجس الشيطان، وسقى به الأرض وثبّت الأقدام وربط على قلوبهم؛ فسبق الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى الماء، ونزلوا شطر الليل، وأعدّوا الحياض، ثمّ حبسوا ما عداها من الماء، وبني للرسول صلى الله عليه وسلم عريشٌ يُشرف منه على المعركة، ثمّ مشى في مكان المعركة وهو يردّد: هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان بإذن الله. طلع المشركون وتقابل الجمعان، فدعا الرسول صلى الله عليه وسلم بالنصر. خرج عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة يطلبون القتال، فخرج لهم ثلاثة من الأنصار، لكنّ عتبة وشيبة أعادوها مطالين بابن عمّهما، فبرز إليهما عليّ وعبيدة بن الحارث وحمزة، فقتل عليّ قِرنه الوليد، وقتل حمزة قرنه عتبة، وقيل شيبة. واختلف عبيدة وقِرنه ضربتين، فتقدّم عليّ وحمزة على قرن عبيدة فقتلاه، وحملا عبيدة وقد قطعت رجله. حمي الوطيس واشتدّ القتال، وكان الرسول  قد أخذ بالدعاء والابتهال إلى الله سبحانه حتّى سقط رداؤه عن كتفيه، ليردّه عليه الصدّيق رضي الله عنه ويخبره أنّ الله منجز ما وعده، ثمّ رفع الرسول صلى الله عليه وسلم رأسه مبشراً أبي بكر بأنّ جبريل جاءه بخبر النصر، وأنزل الله جنده وأيّد الرسول والمؤمنين.


وللحديث بقية



تاريخ الاضافة: 03/06/2018
طباعة