الحمد
لله الجبار المعبود، الذي أباد بسطوته قوم نوح، وأهلك عاد وقوم
هود، وأعاد من بعد عاد دائرة السوء على ثمود، وسلط ضعيف
البعوض على النمرود، وأغرق فرعون وقومه لما تلاطمت عليهم
الأمواج الصدود، وأعمى بصائر الجاحدين ففي أعناقهم
أغلال وفي أرجلهم قيود " فالذين كفرو قطعت لهم ثياب من نار يصب
من فوق
رءوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود. واشهد
إن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك, وله الحمد وهو
علي كل شيء قدير عز فلا
تـراه الظنـون وجـل فلا يعتريه المنـون تفـرد في مـلكه
بالبقاء وكل الورى بالفناء ذاهبون ويفعل في خلقه ما يشاء بغير اعتراض
وهم يسألون. وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد
عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه
صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، إذا ما
شئت في الدارين تسعد فكثر في الصلاة على محمد ، وان
شئت قبـول لها يقيـنا فختم بالصلاة على محـمد ،وقل
يارب لا تقطع رجائي وكن لي بالصلاة على محمد وعلي
اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم
بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين.
أما بعــــــــد
في مثل هذا اليوم يوم في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة الموافق 13 مارس 624م ، كان موعد ولقاء رتبه رب الأرض والسماء بين أولياء الرحمن وعباده المخلصين بقيادة سيد الأنبياء وزعيم المجاهدين ، وبين أولياء الشيطان أعداء الرحمن بقيادة صناديد الكفر أبو جهل وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة، ليكن هذا اليوم ذكرى وعلامة فاصلة ويوم مجيد أعز الله فيه الإسلام والمسلمين وأذل فيها الكفر والكافرين، وكم نحتاج لهذه الذكرى تشد أزرنا ونرفع هاماتنا ونخرج الوهن من قلوبنا، ونخلع ثياب الذل والهوان، لنعيد أمجاد هؤلاء. ونَعد العُدة لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
غزوة بدر في القرآن
قال تعالى: (وإِذْ غَدَوْت مِنْ أَهْلِك تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَعِدَ لِلْقِتَالِ وَ اللّهُ سمِيعٌ عَلِيمٌ، إِذْ هَمّت طائفَتَانِ مِنكمْ أَن تَفْشلا وَ اللّهُ وَلِيهُمَا وَ عَلى اللّهِ فَلْيَتَوَكلِ الْمُؤْمِنُونَ، وَ لَقَدْ نَصرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنتُمْ أَذِلّةٌ فَاتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُمْ تَشكُرُونَ، إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَ لَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدّكُمْ رَبّكُم بِثَلَثَةِ ءَالَفٍ مِّنَ الْمَلَئكَةِ مُنزَلِينَ، بَلى إِن تَصبرُوا وَ تَتّقُوا وَ يَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبّكُم بخَمْسةِ ءَالَفٍ مِّنَ الْمَلَئكَةِ مُسوِّمِينَ، وَ مَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلا بُشرَى لَكُمْ وَ لِتَطمَئنّ قُلُوبُكُم بِهِ وَ مَا النّصرُ إِلا مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الحْكِيمِ، لِيَقْطعَ طرَفاً مِّنَ الّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائبِينَ، لَيْس لَك مِنَ الأَمْرِ شىْءٌ أَوْ يَتُوب عَلَيهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنّهُمْ ظلِمُونَ، وَ للّهِ مَا فى السمَوَتِ وَ مَا فى الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ وَ يُعَذِّب مَن يَشاءُ وَ اللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ ) آل عمران: 121ـ129.
وقال تعالى: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ۚ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ ۙ وَلَٰكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) الأنفال: 42ـ44.
وقال تعالى: (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ، ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) الأنفال: 50ـ51. وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ، الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ، مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الأنفال: 65ـ71.
غزوة بدر في السنة
أسباب معركة بدر:
عن عروة بن الزبير قال: " سمع رسول الله بأبي سفيان بن حرب في أربعين راكبا من قريش , تجارا قافلين من الشام فخرج رسول الله فتكلم، فقال: إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا "، فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة فقال: " لا، إلا من كان ظهره حاضراً.
أحداث معركة بدر:
عن علي قال: لقد رأيتنا ليلة بدر وما منا إنسان إلا نائم " إلا رسول الله فإنه كان يصلي إلى شجرة ويدعو حتى أصبح وهو يقول "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم " فأخذ أبو بكر بيده وقال: حسبك يا رسول الله فقد ألححت على ربك " فخرج رسول الله وهو في الدرع يقول: {سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} وعن عبد الله بن ثعلبة العذري قال: إن أبا جهل قال حين التقى القوم: اللهم أقطعنا الرحم وآتانا بما لا نعرفه فأحنه الغداة , فكان المستفتح. وعن أبي أسيد الساعدي قال: (قال لنا رسول الله يوم بدر حين صففنا لقريش وصفوا لنا: " إذا أكثبوكم - يعني إذا غشوكم - فارموهم بالنبل واستبقوا نبلكم
وللحديث بقية