موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || (( الذكرى التاسعة والستون لنكبة فلسطين أم نكبة المسلمين))
اسم المقالة : (( الذكرى التاسعة والستون لنكبة فلسطين أم نكبة المسلمين))
كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر

 

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب أظهر الحق بالحق وأخزى الأحزاب، وأتمَّ نوره، وجعل كيد الكافرين في تباب، أرسل الرياح بشرًى بين يدي رحمته وأجرى بفضله السحاب، وأنزل من السماء ماء، فمنه شجر، ومنه شراب، جعل الليل والنهار خلفة فتذكر أولو الألباب، نحمَده تبارك وتعالى على المسببات والأسباب، ونعوذ بنور وجهه الكريم من المؤاخذة والعتاب، ونسأله السلامة من العذاب وسوء الحساب. وأشهد أن لا إله إلا الله العزيز الوهاب، الملك فوق كل الملوك ورب الأرباب، الحكم العدل يوم يُكشف عن ساق وتوضع الأنساب، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله المستغفِر التواب، المعصوم صلى الله عليه وسلم في الشيبة والشباب، خُلُقه الكتاب، ورأيه الصواب، وقوله فصل الخطاب، قدوة الأمم، وقمة الهِمَم، ودرة المقربين والأحباب، عُرضت عليه الدنيا بكنوزها، فكان بلاغه منها كزاد الركاب، ركب البعير، ونام على الحصير، وخصف نعله ورتق الثياب، أضاء الدنيا بسنته، وأنقذ الأمة بشفاعته، وملأ للمؤمنين براحته من حوضه الأكواب. اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى الآل والأصحاب، ما هبت الرياح بالبشرى وجرى بالخير السحاب،وكلما نبت من الأرض زرع، أو أينع ثمر وطاب.

أما بعــــــد

إنَ النكبة ليس نكبة شعب أو دولة، بل هي نكبة أمة الإسلام، التي ضاع منها جزء غالى ونفيس من أوطانها، بل هو جزء مقدس من مقدسات دينها وعقيدتها، فكما لمكة والمدينة حفظهما الله تعالى، منزلة في قلب كل مسلم ، فالقدس ثالث الأماكن المقدسة في جسد هذه الأمة المنكوبة بضياع مقدساتها وعزها ومجدها. فهل عملت هذه الأمة على استرجاع حقها من عدوها، وطول هذه السنيين تكذب على نفسها، بمعاهدات خائنة ، ومؤتمرات واهية، ومبادرات رامية ، طمعاً في رجوع حقها المنهوب ، وأرضها المستعمرة، ومقدساتها المغتصلبة المنتهكة. ونسيت أن لا عزة لهذه الأمة، ولا رجوع لحقها إلا بتوحيد ربها ووحدة صفها.

نكبة النكبات

بادئ ذي بدء التأكيد على أن نكبة ١٥ مايو/أيار ١٩٤٨ هي نكبة النكبات ، فهي بعد سايكس بيكو ووعد بلفور المشئوم  المحطة الكبرى لما بعدها في حقبة تاريخية نعاصرها من نكبات ، من احتلال العراق الى ما يحدث في  سوريا وليبيا واليمن والظلم والقهر الذي تعيشه الأمة ، فكل هذه نكبات خرجت من رحم النكبة الكبرى ، نكبة فلسطين المحتل والقدس الجريح الذي يأن ، ويشتكي إلى الله عز وجل تخاذل المتخاذلين ، وخيانة الخائنين ، الذين باعوا الدين والقضية الفلسطنية ، وأصبحوا لليهود أصحاب ولهم أحباب وعنهم يتكلمون ويدافعون .


النكبة

مصطلح فلسطيني يعبر عن  المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره. وهو الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية عام 1948. وهي السنة التي طرد فيها الشعب الفلسطيني من بيته وأرضه وخسر وطنه لصالح، إقامة الدولة اليهودية- إسرائيل. وتشمل أحداث النكبة، احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يربو على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كما تشمل الأحداث عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية. وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي.[1]على الرغم من أن السياسيين اختاروا 1948/5/15 لتأريخ بداية النكبة الفلسطينية، إلا أن المأساة الإنسانية بدأت قبل ذلك عندما هاجمت عصابات صهيونية إرهابية قرىً وبلدات ومدن فلسطينية بهدف إبادتها أو دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها لاحقاً.


الغائب الحاضر

هو مصطلح يطلق على الفلسطينيين الذين طردتهم العصابات الصهيونية وأجبرتهم  على الفرار من منازلهم خوفاً من الموت وهتك الأعراض  الذي كانت تقوم به العصابات الصهيونية في فلسطين قبل وخلال حرب 1948 ولكنهم بقوا داخل فلسطين في الأراضي التي أقامت عليها المنظمة الصهيونية دولة إسرائيل ، ويشار أيضا إلى هؤلاء الفلسطينيين بالإضافة إلى مصطلح الغائب الحاضر بنازحي الداخل، وهذا المصطلح ينطبق أيضا على أبناء وأحفاد الفلسطيني الذي نزح داخليا [1]، وفي عام 1950  كان تعدادهم 46000 نازح من أصل 156000 فلسطيني ظلوا داخل إسرائيل.لا يسمح للغائبين الحاضرين بالعيش في منازلهم التي طردوا منها، حتى وإن كانوا يعيشون في نفس المنطقة ولا يزال موجود لديهم عقد الملكية الذي يثبت بأنهم أصحاب تلك المنازل والأراضي التي طردوا منها، حيث تعتبر الحكومة الإسرائيلية منازل وأراضي الحاضرين الغائبين من ممتلكات الغائبين بحجة أنهم تركوها، حتى وإن لم يكونوا ينوون تركها لأكثر من بضعة أيام وأنهم فعلوا ذلك رغما عنهم وليس بإرادتهم واختيارهم


الحاضر الغائب

أصبحت ممتلكات الغائبين الحاضرين تحت سيطرة الحكومة الإسرائيلية، أما بالنسبة للغائبين الحاضرين فبخلاف اللاجئين الفلسطينيين الآخرين تم إعطاء الغائبين الحاضرين حق المواطنة في إسرائيل حسب قانون المواطنة الإسرائيلي من يوليو عام 1952، وهذا القانون لا يشمل أي فلسطيني نزح داخليا بعد عام 1952 دون أن يكون قد حصل على حق المواطنة قبل عام 1952.

في الوقت الحاضر

اليوم البدو المشردين داخليا يعيشون في 49 " قرية غير معترف بها " في النقب والجليل، في حين أن بقية الفلسطينيين الذين بقوا مشردين داخليا يعيشون في نحو 80 بلدة وقرية في الجليل مثل قرية عين حوض، وهناك أيضا من يعيش منهم في قرية عين رافا القريبة من القدس. كما أنه نصف عدد سكان مدينتي الناصرة وأم الفحم هم من المشردين داخليا الذين جائوا إلى المدينتين من المدن المجاورة والقرى المدمرة عام 1948.

 متى العودة وما السبيل

سؤال يسأله كل فلسطيني مشرد ، بل كل مسلم موحد صاحب عقيدة صافية، خالية من النزعات العرقية والجاهلية المعاصرة ، والإجابة بسيطة ولكنها غالية ، فالعلة معروفة والدواء موجود ولن يخرج عن مشكاة الوحي من كتاب وسنة.             قال تعالى: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)الحج: 40 ـ 41.

وقال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور: 55.

قال القرطبي: وقولُه: ﴿كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ يعني بني إسرائيل؛ إذ أهلَكَ الله الجبابرة بمصر، وأورَثَهم أرضهم وديارهم فقال ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا﴾الأعراف: 137.

وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت) رواه أبي داود في سننه والإمام أحمد في مسنده .
وعَن ابْن عمر، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَقُول: (إِذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أَذْنَاب الْبَقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الْجِهَاد، سلط الله عَلَيْكُم ذلاً لَا يَنْزعهُ حَتَّى ترجعوا إِلَى دينكُمْ) أخرجه أبو داود والبيهقي في " السنن الكبرى" والألباني في السلسلة الصحيحة.

أخــيراً

اللهم يا منقذ يونس من بطن الحوت وإبراهيم من النمرد وموسى من فرعون، أنقذ المسجد الأقصى الأسير من قبضة اليهود وخلصه من كل كافر جحود ، وارزقنا صلاة هناك.               



تاريخ الاضافة: 15/05/2017
طباعة