موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || (( الخزي والنـدامـة لمن حضـر قـداس القيامــة ))
اسم المقالة : (( الخزي والنـدامـة لمن حضـر قـداس القيامــة ))
كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، سبحانه وتعالى لم يتخذ صاحبة ولا ولد ، الأول قبل كل شئ ، والآخر بعد كل شيء والظاهر ليس فوقه شئ والباطن ليس دونه شئ ، لا شئ يشبه فليس كمثله شئ ، ولا أمر يعجزه فهو قادرعلى كل شئ.

، لا يَفنى ولا يَبيد ، ولا يكونُ إلا ما يريد. لا تبلغُه الأوهامُ ولا تدركُه الأفهام، ولا يشبهُ الأنامَ ، حيٌّ لا يموت ، قيومٌ لا ينامُ . وأشهد أن عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَبْدُ الله ورسولةُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ،وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا َرَسُولُهُ الله خاتم الأنبياء والمرسلين المذكور في التوراة والإنجيل ، نزل عليه الروح الأمين ، بالقرآن الكريم ، رحمة للعالمين.

أما بعـــد

أليس من الخزي والعار، أن يخرج علينا كل عام في مثل هذه الأيام ، لا أقول أناس من العوام ، بل من أصحاب العمائم الذين لا علم لهم ولا خلاق، وقد حسبوا على أهل العلم زوراً وبهتاناً ، وهم لم يتنسموا رائحة هذا العلم ، بل باعوا هذا العلم بثمن بخس زهيد ، ، وتنازلوا عن عقائدهم ، من أجل عرض من الدنيا زائل قليل.

وقاموا بتضليل العامة من المسلمين ، على الفضائيات وفي الصحف والمجلات ، بأنه لا حرج في حضور المسلمين قداس عيد القيامة لمشاركة إخوانهم النصارى وتهنئتهم

بهذه المناسبة وحجتهم : بأنه لا يوجد نص في كتاب الله عز وجل يمنع من هذا. والكل يعلم أن مثل هؤلاء قد طمس الله على قلوبهم وعموا وصموا ، عن فهم كتاب الله ، فضلاً عن عقيدتهم الباطلة الفاسدة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وفي هذا المبحث سوف أُبين لهؤلاء أنهم على خطر عظيم وفي ضلال مبين ، وأنهم في بعد عن حظيرة الإسلام ، وخروج من الإيمان.

أولا:عقيدة النصارى

إن عقيدة النصارى التي اخترعها لهم ( بولس الرسول ) قائمة على عدة أمور منها:

التثليث: وهو: أنه يوجد ثلاثة أقانيم ( أشخاص ) آلهة منفصلة ومتميزة في الثالوث الأقدس وهي :الله الأب ، الله الابن ، الله الروح القدس ، متساوون في المجد ، متساوون في الأزلية ، و كل أقنوم من الأقانيم متميز عن الأقنومين الآخرين ، في كل شيء ، ومن ثم أعلنوا أن عقيدة التثليث سر غامض وعلى الإنسان أن يحرز إيمانا أعمى.

ألوهية المسيح: أنه وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ وهُوَ سِرُّ التَّقْوَى : وأن اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ ”.

الخطيئة:وهو أن بسبب معصية آدم بعدم طاعته لوصية الله بأن لا يأكل من شجرة المعرفة قد ارتكب خطئا. وتوارث خطيئة آدم جميع ذريته. فجميع الجنس البشري مولودون خطاة . وإن عدالة الله تقتضي دفع الثمن لكل خطيئة .ولن يسمح الله ولا يقدر أن يبيح لخطيئة بسيطة دون قصاص . والآن فإن الشيء الوحيد لمحو الخطيئة هو سفك الدم . فلما أراد الله أن يغفر لهم أخرج ابنه وأسكنه في بطن مريم العذراء - عليها السلام - يتغذى مما في بطنها ، ثم أخرجه مولوداً ، وترعرع كما يترعرع الصبيان ، حتى إذا شبَّ وكبر ، سلمه لأعدائه ليصلبوه ، فيكون ذلك كفارة عن خطيئة آدم - عليه السلام - التي لحقت سائر الناس.

الفداء والصلب: إن عقيدة الفداء والصلب ثم القيامة ، قائمة على عقيدتهم بالخطيئة الأولى وتكفيرها الذي لا يكون إلا بالفداء والصلب والدماء.

و يعتقد النصارى أن المسيح عليه السلام ابن لله عز وجل وهو في ذات الوقت إله مساو لله أو دونه - على خلاف بينهم في ذلك يصلب على الخشب ويهان ويبصق عليه من أجل تكفير الخطيئة الأولى لابن الانسان.

قلـــت:

لقد تم الرد على هذا الضلال بالحجة والبرهان من كتاب ربنا الكريم المتعال ، في موضوع " الإيضـــاح والالتباس في حضور القداس " والذي يعنيني في هذا المقال هو توضيح " عيد القيامة في دين النصارى " ، ونقضه لعقيدة المسلمين وملة الموحدين ، لتنبيه الغافلين ، ويكون حجة على المتأسلمين ، لحضور هذا الزور والباطل المبين.

ثانيا: عيد القيامة عند النصارى

عيد القيامة عند النصارى هوالاسم العبري لعيد الفصح، الذي هو عيد اليهود، حيث يوجد ربط بين عيد الفصح وعيد القيامة. يعتمد عيد القيامة على عيد الفصح عند اليهود ليس فقط في بعض من معانيه الرمزية
ولكن أيضاً في موقعه في التقويم، حيث إن العشاء الأخير الذي قام به السيد المسيح مع تلاميذه قبل صلبه يمثل عشاء الفصح حسب ما هو مذكورفي الأناجيل الأزائية الثلاثة في العهد الجديد من الكتاب المقدس )متى ، مرقس ، لوقا( يختلف إنجيل يوحنا في أحداثه الزمنية حيث يكون وقت ذبح الحملان لعيد الفصح هو عند موت المسيح ولكن يعتبر بعض الدارسين أنلها ارتباطا تاريخيا بذكر الأحداث التي كانت تجري. هذا ما يضع العشاء الأخير قبل حدوث عيد الفصح بقليل، أي في الرابع عشر من شهر نيسان حسب تقويم الكتاب المقدس العبري حسب الموسوعة الكاثوليكية.

وعيد القيامة هو تحقيق رسالة المسيح على الأرض التي تتمثل في الصلب والفداء ثم القيامة من القبر بعد ثلاثة أيام من موته ، وصعوده للسماء وجلوسه على يمين أبيه ، و سوف يفصل بين العباد يوم الدينونة(القيامة ) ، ولهذا يتم ترنيم هذه الكلمات (المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور).

ثالثا: إبطال الفداء والصلب والقيامة في الإسلام

إن القرآن الكريم نقض هذه الفرية العظيمة بكل وضوح وأعلن أن عيسى عليه السلام لم يصلب ولم يمت ولم يقبر ، كما يدعون ويزعمون . بل هو حي عنده ربه عز وجل يرزق ، وسوف ينزل إلى الأرض آخر الزمان فيقتل الخنزير ويُحرم الخمر ويكسر الصليب ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو علامة من علامات يوم القيامة.

قال تعالى : (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَالَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) النساء : 157 –158

وقال تعالى : (قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) آل عمران : 55

قال جماعة من أهل المعاني منهم الضحاك والفراء في قوله تعالى " : إني متوفيك ورافعك إلي "على التقديم والتأخير ; لأن الواو لا توجب الرتبة.
والمعنى: إنى رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد أن تنزل من السماء . وقال الحسن وابن جريج : معنى متوفيك قابضك ورافعك إلى السماء منغير موت ; مثل توفيت مالي من فلان أي قبضته.
عن ابن عباس قال : لما أراد الله تبارك وتعالى أن يرفع عيسى إلى السماء خرج على أصحابه وهم اثنا عشر رجلا من عين في البيت ورأسه يقطر ماء فقال لهم : أما إن منكم من سيكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي
ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب من أحدثهم فقال أنا . فقال عيسى : اجلس ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال أنا . فقال عيسى : اجلس . ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال أنا . فقال نعم
أنت ذاك . فألقى الله عليه شبه عيسى عليه السلام . قال : ورفع الله تعالى عيسى من روزنة كانت في البيت إلى السماء " .

وقال تعالى: (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) النساء: 159

وقال تعالى :(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) الزخرف : 61

و عن أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، وحتى تكون السجدة خيراً له من الدنيا وما فيها "رواه البخاري

وعن خالد بن الوليد (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى ناس من خثعم فاعتصموا بالسجود فقتلهم فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصف الدية ثم قال أنا بريء من كل مسلم أقام مع المشركين لا تراءى ناراهما) أخرجه النسائي وأبي داود والترمذي والطبراني.

قال ابن القيم : ‏والذي يظهر من معنى الحديث : أن النار هي شعار القوم عند النزول وعلامتهم , وهي تدعو إليهم , والطارق يأنس بها , فإذا ألم بها جاور أهلها وسالمهم . فنار المشركين تدعو إلى الشيطان وإلى نار الآخرة , فإنها إنما توقد في معصية الله , ونار المؤمنين تدعو إلى الله وإلى طاعته وإعزاز دينه , فكيف تتفق الناران , وهذا شأنهما ؟ وهذا من أفصح الكلام وأجزله.

واخيرأً :

أقول لكم : هذا هو معتقد القوم يا من تدعون العلم والمعرفة والإسلام والإيمان بالواحد الديان . وهذا هو ما نعتقده نحن المسلمين والذي في كتاب رب العالمين وأخبرنا به الهادي الأمين ، فهل يجوز أن نضرب بعقيدتنا وديننا وقرآننا وسنة نبينا ، عرض الحائط . ثم ندعي أن ليس هناك نص صريح في النهي عن حضور أو تهنئة النصارى في عيد القيامة ، وهل يحق لكم بعد هذا أيها المتأسلمون ، المعممون أن تحضوا العوام من المسلمين على هذا الفعل الذي به تسقط عقيدة التوحيد في براثن الشرك والتثليث

وهل يحق لمسلم وحد الله عز وجل حق التوحيد وآمن بأن الله واحد أحد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وأن عيسى عبد الله وأن محمد عبده ورسوله ، أن يذهب إلى كنائسهم ويحتفل معهم ويقرهم على عقيدتهم .فماذا أنتم فاعلون يوم يجمع الله الأولين والآخرين؟ .

ولا أقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

على نعمة الإسلام

وكفى بها نعمة



تاريخ الاضافة: 17/04/2017
طباعة