موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || منافسة شولتس لميركل تربك المشهد الألماني
اسم الخبر : منافسة شولتس لميركل تربك المشهد الألماني


سادت حالة من الإرباك الساحة السياسية الألمانية بعد ترشيح الحزب الاشتراكي الديمقراطي رئيس البرلمان الأوروبي السابق مارتين شولتس لمنافسة المستشارة الحالية وزعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي أنجيلا ميركل على منصب مستشار البلاد في الانتخابات القادمة للبرلمان الألماني (بوندستاغ) المقررة يوم  24 سبتمبر/أيلول القادم.

وفاجأ رئيس الحزب الاشتراكي زاغمار غابرييل المشهدين السياسي والشعبي -عبر تصريحات صحفية- بإعلانه استقالته من رئاسة الحزب، وتخليه عن الترشح لمنصب المستشار بسبب تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي، وتقديمه لشولتس مرشحا للاشتراكيين في مواجهة ميركل في الانتخابات القادمة.

وحل مارتين شولتس برئاسة الحزب الاشتراكي مكان غابرييل، الذي استقال أيضا من منصبه وزيرا للاقتصاد الألماني، وتولى منصب وزير الخارجية بدلا من فرانك فالتر شتاينماير، الذي يرجح انتخابه يوم 12 فبراير/شباط المقبل رئيسا للجمهورية خلفا للرئيس الحالي يواخيم غاوك.

تدشين حملة
ومثل هذا التطور تدشينا مبكرا وقويا لحملة انتخابات البوندستاغ، التي توقعت المستشارة أنجيلا ميركل أن تكون الأشد منافسة في ألمانيا عبر تاريخها الحديث

 

وبعد الإعلان عن ترشحه، قال مارتين شولتس إن ألمانيا تحتاج في هذه الأوقات الصعبة لقيادة جديدة، وأكد أن حزبه الاشتراكي مؤهل للمنافسة على هذه القيادة "ببرنامج انتخابي يركز على القضايا المركزية، وبمقدمتها العدالة الاجتماعية التي تميز الحزب فيها".

ويمتلك شولتس الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي شبكة واسعة من العلاقات الدولية، ويتقن إضافة للغته الأم خمس لغات أوروبية، رغم عدم حصوله على الشهادة الثانوية أو إكماله دراسته، ولا تعرف له بالمقابل مواقف محددة تجاه كثير من قضايا السياسة الداخلية الألمانية كالضرائب والمعاشات وإجراءات الأمن الداخلي.

ويعرف مارتين شولتس بقدراته الخطابية المؤثرة، ويتيح له عدم مشاركته في الحكومة الألمانية الحالية توجيه انتقادات قوية للمستشارة ميركل، بخلاف زملائه السياسيين الاشتراكيين المشاركين بهذه الحكومة، ورغم هذا اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة برلين الحرة غيرو نويغيباور أن المستشارة أنجيلا ميركل عليها أخذ منافسها الاشتراكي بجدية وعدم اعتباره تهديدا لها، "كونه جديدا نسبيا على الساحة الداخلية، وعدم امتلاكه خبرة كبيرة في قضايا الشأن الألماني".

واستبعد نويغيباور في حديث للجزيرة نت تأثير المستوى التعليمي لمارتين شولتس على التوجه الانتخابي للألمان تجاهه، واعتبر أن نجاح المرشح الاشتراكي بالوصول لدائرة المستشارية الألمانية مرتبط بقدرته على بدء حملة سياسية تهدف لإقناع الألمان بأن حزبه الاشتراكي قادر بعد وصوله للسلطة على التعاطي بجدية مع مخاوفهم من التداعيات السلبية للعولمة، وتهديد موجات الهجرة لفرص العمل والأمن الداخلي والهوية الثقافية والاستقرار بألمانيا

 

ورأى الباحث السياسي أنه مع عدم اتضاح شروط إطار الحملة الانتخابية قبل مايو/أيار القادم، فإنه يصعب توقع تحقيق ميركل انتصارا واضحا بالانتخابات إن ركزت بالبرنامج الانتخابي لحزبها على توجهه المحافظ وقضيتي الأمن الداخلي والاقتصاد.

وخلص نويغيباور إلى أن تميز ميركل على شولتس بحضورها الشعبي الكبير وخبراتها الواسعة في مواجهة أزمات عالمية ومحلية، يقابله احتمال انصراف شرائح من الناخبين عنها رفضا لسياستها تجاه ملف اللجوء، ورغبتهم في التجديد بسبب ما بدا عليها من إنهاك بعد ثلاث دورات برئاسة الحكومة الألمانية.

صعوبة التوقع
ومن جانبها اعتبرت المحللة السياسية بصحيفة ديرتاجستسايتونغ (تاتس) بيتينا غاوس أن صعوبة توقع نتائج الانتخابات الألمانية المقبلة مرتبطة بعدم إمكانية التقدير حاليا لما سيحصل عليه حزب "بديل لألمانيا" اليميني 
الشعبوي، والأجواء الانفعالية السائدة بالساحة السياسية.

وتوقعت غاوس في حديث للجزيرة نت تحقيق الحزب الاشتراكي مع مارتين شولتس نتيجة انتخابية أفضل مما سيحققه لو كان رشح زاغمار غابرييل، لكنها أشارت إلى أن هذه النتيجة لن تزيد على ما سيحصل عليه الحزب المسيحي بقيادة ميركل، وذكرت أن السيناريوهات المطروحة، خاصة محدودية إمكانية الحزب الاشتراكي تشكيل ائتلاف حكومي جديد، تستبعد فوز شولتس بمنصب المستشار.

وخلصت المحللة السياسية إلى أن ما ستسفر عنه نتيجة انتخابات البوندستاغ مرتبط أيضا بمؤثرات أخرى منها مستقبل العلاقات الأوروبية الأميركية، وكيف ستؤول الأمور إن حدث اعتداء إرهابي قبل أيام من الانتخابات، أو إذا انهارت البنوك الإيطالية أو انتخبت ماري لوبن رئيسة للجمهورية في فرنسا.

تاريخ الاضافة: 29/01/2017
طباعة