موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || احتجاجات الجزائر.. مجهولة النسب معلومة المطالب
اسم الخبر : احتجاجات الجزائر.. مجهولة النسب معلومة المطالب


اشت بعض مدن الجزائر منذ مساء الاثنين الماضي على وقع إضراب عام للتجار سرعان ما تحول إلى احتجاجات ومواجهات عنيفة مع قوات مكافحة الشغب، خصوصا في محافظة بجاية شرق البلاد

كما انتقلت الاحتجاجات "الليلية" إلى أحياء عديدة في العاصمة الجزائرية الاثنين والثلاثاء الماضيين بعد قيام شباب بقطع الطرق وإحراق إطارات العجلات والاشتباك مع قوات الأمن.

وحمل الإضراب العام -الذي لم تدع إليه جهة معلومة بل مواقع التواصل الاجتماعي- مطالب رافضة لإجراءات تقشفية وردت في موازنة 2017 وما انجر عنها من ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية وفي الضرائب.

يقول رئيس جمعية التجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار إن الإضراب لم تتبنه أي جهة معلومة، وكان مجرد إشاعة صدقها الجميع وتحولت إلى أمر واقع.

وفي حديثه للجزيرة نت يرجع بولنوار تجاوب المواطنين والتجار مع الإشاعة إلى تقاطع المطالب والأهداف "فكلها تتعلق بالدفاع عن القوة الشرائية ورفض الزيادات في الضرائب والأسعار"

 

واتهم بولنوار "بارونات" المضاربة وأطرافا سياسية باستغلال إشاعة الإضراب بهدف تحقيق مكاسب مالية وسياسية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية.

وحسب المتحدث، فإن الإضراب لقي استجابة متفاوتة في بعض بلديات بجاية والبويرة وتيزي وزو بنسبة تراوحت بين 30% و50%، مضيفا أن أغلب التجار أغلقوا محلاتهم تحت تهديدات عاطلين عن العمل توعدوا بتهشيم أي محل يفتح أبوابه بدءا من 2 يناير/كانون الثاني الحالي.

استجابة للإضراب
من جانبه، يؤكد المدون والناشط بوبكر بلقاسم أن نسبة الاستجابة للإضراب في محافظات البويرة وبجاية وولاية تيزي وزو فاقت 90%.

وأضاف أن هذا الإضراب "هبة شعبية تمت بطريقة حضارية ضد غلاء المعيشة، وهي تعبير واضح عن الرفض التام لموازنة 2017، لكن أعمال الشغب عكرت صفو الحركة السلمية التي كان ينوي السكان القيام بها".

وبشأن اقتصار الاحتجاجات على مدن منطقة القبائل، يرجع بلقاسم ذلك إلى تواجد المنطقة في طليعة المعارضين لغلاء الأسعار، ولكونها منطلقا لعديد الحركات السياسية وتوفرها على نسيج مهم من الجمعيات وممارسي الفعل السياسي.

 

خواء الخزائن
ورجح أن الإضراب لو يمتد ليومين أو ثلاثة فقد تلتحق به مدن أخرى ويدفع الحكومة إلى مراجعة قراراتها "رغم أن الأمر صعب جدا في ظل سياسة التقشف وخواء خزائن الدولة" بسبب انهيار أسعار البترول.

وفي السياق، يؤكد مدير صحيفة الجزائر أحسن خلاص أن الأسباب المباشرة للاحتجاجات هي تداعيات موازنة 2017، معتبرا أن الأسباب العميقة تكمن في أن الزيادات أقرتها "حكومة منقوصة الشرعية متهمة بأنها أتاحت سبل الثراء الفاحش لفئة قليلة على حساب بقية المجتمع".

وفي حديثه للجزيرة نت يرى خلاص أن "يدا مغرضة" شوهت الاحتجاجات السلمية وحولتها إلى أعمال شغب، ولا سيما أن انطلاق الاحتجاجات من منطقة القبائل كان هدفه "أن تستمر وتتعانق وهي في أوجها مع ذكرى الربيع الأمازيغي (أبريل المقبل) الذي يتزامن مع الاستعداد للانتخابات التشريعية".

واستبعد خلاص تراجع الحكومة عن إجراءات موازنة 2017 "لأنها ليست في راحة مالية".

كذب السلطة
من جهته، يرى عضو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الغني بادي أن "كذب السلطة على المواطن هو سبب الاحتجاجات"، حيث يتم اللجوء كل مرة إلى رفع الأسعار دون مراعاة القدرة الشرائية  للمواطنين.

 

وأضاف للجزيرة نت أن المواطن بات لا يطيق دفع فاتورة فشل السياسات الحكومية باسم التقشف، مشيرا إلى أن الاحتجاجات مست الكثير من المناطق، لكن الأضواء سلطت على مدينة بجاية بسبب انزلاق الاحتجاجات نحو العنف والتخريب.

واعتبر بادي أن الحكومة ماضية في سياسة التقشف، مرجحا نجاحها في ذلك بسبب منطق التخويف من أن كل احتجاج سيرمي بالجزائر في مستنقع الفوضى والعنف.

الكلمة للشارع
في الشأن ذاته، يقول الكاتب الصحفي عبد السلام بارودي إن "إجراءات موازنة 2016 كانت أقسى من 2017، لكن هذه المرة كانت الكلمة للشارع وليس للمعارضة السياسية".

وفي حديثه للجزيرة نت اعتبر أن الضرائب أثقلت كاهل المواطنين، كما أن فوضى الأسواق جعلت الحكومة غير قادرة على التحكم في ارتفاع الأسعار.

وعن اقتصار الاحتجاجات على منطقة محددة قال إن "ذلك يعود ربما للطبيعة المتمردة لمنطقة القبائل منذ تمرد حسين آيت أحمد في أكتوبر 1963"، معربا عن آسفه "لأن السلطة لم تنجح في احتواء هذا الاستثناء الذي يبقى مصدر خطر وقلق".

ولم يستبعد بارودي أن تتراجع الحكومة عن بعض الإجراءات التقشفية الواردة في الموازنة "لأن مهمة السلطة الحالية هي التحكم في الشارع أكثر من التحكم في الاقتصاد".

تاريخ الاضافة: 05/01/2017
طباعة