ونبّه الملك ساسة بلاده إلى أن المؤسسة الملكية يجب أن تبقى بعيدة عن التجاذب السياسي الذي تعيشه البلاد قبل شهرين من الانتخابات البرلمانية، وذكّر محمد السادس الجميع بأن شخص الملك يحظى بمكانة خاصة في النظام السياسي المغربي، "وعلى جميع الفاعلين -مرشحين وأحزابا- تفادي استخدامه في أي صراعات انتخابية أو حزبية".
ويرى المحلل السياسي إدريس العيساوي أن الرسالة التي وجهها الملك بمثابة صفارة إنذار للأحزاب المغربية التي خاضت مزايدات وضعت المؤسسة الملكية في صلب التجاذب الذي يسبق أي استحقاق انتخابي.
وأعاد خطاب الجلوس على العرش هذا العام للواجهة موضوع الدور السياسي الذي تقوم به الملكية في المغرب، إذ يقر عدد كبير من المتابعين بأن للملك دورا سياسيا قائما وأكيدا بموجب الدستور الذي يمنحه رئاسة مجلس الوزراء.
ويقول الصحفي نجيب شوقي إن الرسائل السياسية التي وجهها الملك لحزب العدالة والتنمية الذي يترأس الحكومة تنطوي على إشكال، وهو أن المكان الطبيعي لإبداء أي ملاحظات سياسية تجاه عمل الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي هو مجلس الوزراء، وليس خطابا ملكيا موجها للعموم.
ويوضح الصحفي المغربي أن المقصود بتلك السلطة الموازية السلطة التي يستمدها البعض بحكم اشتغاله بالقرب من الملك أو ضمن فريق مستشاريه، الذين يفاوضون أحيانا زعماء الأحزاب على حجم وشكل مشاركتهم في الانتخابات.
ويقول المتحدث نفسه إن ما يسميه بنكيران "سلطة التحكم" كان رئيس الوزراء السابق عبد الرحمن يوسفي يصفها بجيوب مقاومة التغيير، وقبله كان الزعيم الاشتراكي الراحل عبد الرحيم بوعبيد يطلق عليها لقب "الحزب السري".
ويجمع المؤرخون على أن ملوك المغرب مارسوا السياسة على امتداد تاريخ البلاد، وهو ما دفع الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة القاضي عياض بمراكش محمد نشطاوي للتشديد على حق الملك في تضمين خطاب العرش رسائل وإشارات ظاهرة وأحيانا خفية في حديثه عن المواضيع المرتبطة بالسياسة الداخلية للمملكة.
ويضيف الأستاذ الجامعي أن رسائل الملك شكلت ردا واضحا على تصريحات عدد كبير من ساسة أحزاب الائتلاف الحكومي، خاصة حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، حول سلطة تحكم يستمدها البعض من قربه من الملك، في إشارة -كما يقول نشطاوي- إلى مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة فؤاد عالي الهمة، الذي استقال من الحزب قبل بضع سنوات ليصبح مستشارا للملك.