موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || ضجة النفايات بالمغرب.. تصاريف السياسة والبيئة
اسم الخبر : ضجة النفايات بالمغرب.. تصاريف السياسة والبيئة


تفاعل الرأي العام المغربي مع قضية النفايات الإيطالية -التي تعتبرها الحكومة غير مضرة- وطالبت جمعيات الدفاع عن البيئة بإلغاء صفقة الاستيراد من أساسها، خاصة أن المغرب يستعد لاحتضان المؤتمر الـ22 للتغيرات المناخية أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

طرحت مسألة النفايات الإيطالية التي استوردها مصنع للإسمنت في المغرب أسئلة كثيرة إعلاميا وسياسيا حول المخاطر البيئية المحتملة منها، مما دفع بوزيرة البيئة حكيمة الحيطي إلى تكثيف خروجها الإعلامي والقول إن استيراد هذا النوع من النفايات يتم وفق القانون الذي يضع ضمانات.
 
وبينما يعتبر مراقبون أن الرواية الرسمية تحاول رد التشويش على استعداد المغرب لاحتضان المؤتمر الـ22 للتغيرات المناخية، يرى آخرون أن هذه الضجة لا تخلو من حسابات سياسية.
 
وبعد عقدها لندوة صحفية أمس الاثنين حول ملابسات استيراد إحدى شركات الإسمنت لـ2500 طن من النفايات الإيطالية أصدرت وزارة البيئة بيانا تؤكد فيه أن المغرب يستقبل سنويا ما معدله 450 ألف طن من النفايات بغرض تدويرها وحرقها.
 
وأكدت الوزيرة أن الأمر يخضع لتدابير وشروط تشمل تقديم 19 وثيقة تتعلق بشهادة اعتماد للمصانع المصدرة لها، ونتائج تحاليل بعض العينات وفقا للمعايير الأوروبية، وإذا ثبت أن نتائج هذه التحاليل -كما يضيف البيان- لا تتطابق مع المعايير المعتمدة، لا يُمنح تصريح بالحرق، ويتم إرجاع هذه الشحنة بصفة فورية إلى دولة المصدر على نفقة الشركة المستوردة.

مخاوف وتجاوزات
لكن رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان عبد الإله الخضري قال للجزيرة نت إن التوضيحات التي قدمتها وزيرة البيئة لم تنجح في تبديد المخاوف من خطر النفايات المستوردة، وذلك في ظل ما نعرفه من وجود اختلال بنيوي في منظومة المراقبة، رغم الحديث عن وجود تدابير لمراقبة متشددة لنوعية هذه النفايات أثناء نقلها إلى المخازن وخلال حرقها.

ويضيف الخضري "لا نستطيع أيضا إخفاء مخاوفنا من وجود تجاوزات خطيرة ترتكب من قبل نافذين في حق الشعب المغربي، وفي حق الاقتصاد الوطني وفي حق البيئة".

ومن المنتظر أن تتقدّم سبع كتل برلمانية بمجلس النواب بأسئلة شفوية لوزيرة البيئة حول قضية النفايات الإيطالية ضمن الجلسة الأسبوعية المخصصة لمساءلة الحكومة في قطاعات مختلفة، إلى جانب اجتماع خاص ستعقده لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والماء والبيئة.

وقال رئيس هذه اللجنة أحمد بن عمر للجزيرة نت إن الاجتماع سيخصّص لمدارسة هذه القضية بحضور وزيرة البيئة وباقي الوزراء المعنيين، وذلك بعد أن توصلت اللجنة بعدة طلبات بهذا الخصوص من كتل في الأغلبية والمعارضة.

واستبعد أحمد بن عمر أن تكون لهذا الموضوع علاقة بالمزايدات السياسة ورأى أنه "يعكس إجماعا حول ضرورة حماية البيئة، ومعرفة الحقيقة وطمأنة الرأي العام"، في حين اعتبر الخضري أن السجال الدائر حول النفايات الإيطالية تأجج من جهة بسبب انتهاك حق المواطنين في الحصول على المعلومات الكافية في وقتها، وبسبب وجود محاولات محمومة للنيل من مصداقية الحكومة وتصريف الحسابات السياسية.

إشكال اخلاقي

وفي السياق ذاته قال النائب البرلماني عن كتلة الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب المهدي مزواري إن معطيات شبه مؤكدة تفيد أن الحكومات السابقة كانت ترفض بشكل مطلق دخول مثل هذه النفايات.

واعتبر أن استيراد هذه النفايات يطرح إشكالا أخلاقيا يتجاوز الاعتبارات السياسية أو القانونية، ولاسيما أن رئيس الحكومة لم يصدر أي موقف بهذا الخصوص، ولم يعلق على هذا الملف الذي شغل الرأي العام.

وانتقد مزوراي القائمين على تدبير هذا الملف الذين لم يراعوا كون المغرب يعيش لحظة خاصة أصبح معها الرأي العام والمجتمع المدني أشدّ حرصا على معرفة الحقيقة، وأكثر تفاعلا مع القضايا الكبرى.

ورأى أن أصحاب الصفقة تجاهلوا كون اختيار المغرب لتنظيم قمة المناخ جاء بعد تحقيقه لتراكم إيجابي في موضوع البيئة مما جعله محل ثقة يشوش عليها مثل هذا الحدث.

وعلى صعيد آخر قال الباحث المغربي في مجال البيئة مصطفى الزعيتراوي إن هذه النفايات يمكن أن تشكل خطرا حقيقيا على البيئة المغربية في غياب ضمانات تؤكد عدم خطورتها وخضوعها للمعايير الأوروبية.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن المغرب لا يحتاج إلى استيراد هذه النفايات لأنه يتوفر على منتوج كبير من النفايات الحضرية التي يمكن استغلالها وتثمينها في مثل هذا النوع من الأنشطة الاقتصادية إذا أسرع بهيكلة قطاع النفايات.

تاريخ الاضافة: 13/07/2016
طباعة