موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || شرح حديث: الصيام والقرآن يشفعان للعبد ( 1 )
اسم المقالة : شرح حديث: الصيام والقرآن يشفعان للعبد ( 1 )
كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام : رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فيشفعان " .


تخريج الحديث:

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب قال: رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله محتج بهم في الصحيح ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع وغيره بإسناد حسن والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم
وصححه أيضاً الشيخ أحمد شاكر .


الشـــــــرح:

الصيام:

في اللغة: الإمساك. والصيام والصوم مصدران من صام يصوم

وفي الشرع: إمساك مخصوص في زمن مخصوص بشرائط مخصوصة .

أو الإمساك عن المفْطِرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع النية

وقد فرض صيام شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة.

اختلاف الناس في معنى رمضان:

قال الخليل: مأخذ من الرمض، وهو مطر يأتي في الخريف، فسمي هذا الشهر رمضان لأنه يغسل الأبدان من الآثام غسلاً، ويطهر القلوب تطهيراً.

وروى الأصمعي قال أبوعمرو: إنما سمي رمضان لأنه رمضت فيه الفصال من الحر، وقال غيره لأن الحجارة كانت ترمض فييه من الحرارة، والرمضاء: الحجارة المحماة. وقيل: إن القلوب تأخذ من الحرارة الموعظة والفكرة في أمر الآخرة كما يأخذ الرمل والحجارة من حر الشمس.


فضل الصيام:

ـ عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: " قال اللَّه عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يصخب. فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند اللَّه من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بصومه، وإذا لقي ربه فرح بصومه" رواه البخاري.

ـ وعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري

ـ وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون " . رواه البخاري

حكم صوم رمضان

هو ركن من أركان الإسلام والدليل هو الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

أما الكتاب

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة: 183

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا): يا : نداء من العالم ، وأي: اسم من المعلوم المنادى، وها: تنبيه على نداء المنادي الذي هو إشارة إلى المعرفة السابقة. آمنوا: إشارة إلى السر المعلوم بين المنادي والمنادى ، كأنه يقول: يا من هو لي بسره المخلص له بضميره . قال الحسن البصري: إذا سمعت الله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فأسرع لها سمعك فإنها لأمر تؤمر به أو لنهي تنهى عنه.

وقال جعفر الصادق: لذة ما في النداء إزالة تعب العبادة والعناء.

وقوله: (كتب) أي فرض وأوجب (عليكم الصيام) وهو مصدر كقولك: صمت صياماً وقمت قياماً

يقال: صامت الريح: إذا سكنت وأمسكت عن الهبوب، وصامت الخيل: إذا وقفت وأمسكت عن السير، ويقال للرجل إذا صمت وأمسك عن الكلام صام، قال تعالى: ( إني نذرت للرحمن صوماً) مريم: 26 أي صمتاً.

قوله تعالى: (كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ): أي من الأنبياء والأمم أولها آدم عليه السلام

قال جماعة من العلماء من المفسرين: إراد الله تعالى بالذين من قبلكم: النصارى، شبه صيامنا بصيامهم لاتفاقهما في الوقت والقدر، وذلك أن الله تعالى فرض على النصارى صيام شهر رمضان، فاشتد عليهم ، لأنه ربما كان يأتي في الحر الشديد أو في البرد الشديد، وكان يضرهم في أسفارهم ومعايشهم ، فاجتمع رأي علمائهم على أن يجعلوا صيامهم في فصل من السنة بين الشتاء والصيف ، فجعلوه في الربيع وزادوا فيه عشرة أيام كفارة لما صنعوا فصار أربعين يوماً، ثم إن ملكاً لهم اشتكى فمه ، فجعل لله إن برئ من وجعه ذلك يزيد في صومهم أسبوعاً ، فزادوا فيه أسبوعاً ، ثم مات ذلك الملك ، ووليهم ملك آخر فأتموه مسين يوماً.


وأما السنة:

عن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان) متفق عليه.

عن طلحة بن عبيد الله: (أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال: خمس صلوات إلا أن تطوع شيئا فقال: أخبرني ما فرض الله علي من الصيام؟ فقال: شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة؟ قال: فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام قال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق) الصحيحين


وأما الإجماع:

قد أجمعت الأمة على وجوب صيام رمضان وأنه أحد أركان الإسلام ، التي علمت من الدين بالضرورة ، وأن منكره كافر مرتد عن الإسلام.

وللحديث بقية

ولا تنسونا من صالح دعائكم


تاريخ الاضافة: 20/06/2016
طباعة