موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || "ارتباك" بوتفليقة يُعطل الدستور الجديد
اسم الخبر : "ارتباك" بوتفليقة يُعطل الدستور الجديد


 مرّ حوالي عام على بدء الولاية الرئاسية الرابعة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وانتظر فيها الجزائريون دستوراً جديداً، وعد بوتفليقة في أكثر من مناسبة بطرحه للنقاش المجتمعي والسياسي، وإخضاعه لاستفتاء شعبي أو على غرفتي البرلمان. وبعد مرور عام كامل لم يفِ الرئيس بوعده.

في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن بوتفليقة مجدداً التزامه طرح مسودة تعديل دستور "خلال الأشهر المقبلة"، مؤكداً تضمّن المسودة "تكريس الحريات، واستقلال القضاء، وحق المعارضة، وتعزيز الفصل بين السلطات، وتحديد دور البرلمان، ومكانة المعارضة، وتعزيز قواعد الديمقراطية والتعددية الفتية، وتحقيق دولة العدالة والحق والقانون والمواطنة، وخلق جو أمثل لتكريس الحريات وترقية المرأة وتطوير التعددية السياسية".
لكن العناوين السياسية ظلّت محل انتظار سياسي ومدني في الجزائر، ويثير تأخر الدستور جدلاً سياسياً وصخباً إعلامياً فيها. وتعتبر المعارضة أن تأخر بوتفليقة وتردده ناجمان عن ارتباك سياسي تعيشه مؤسسة الرئاسة، وتعبّر عن التضارب في المواقف بين أكثر من جهة في السلطة.

ويعتقد رئيس "حركة مجتمع السلم"، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، عبد الرزاق مقري، أن "التسريبات عن احتمال تعديل الدستور بواسطة البرلمان، كثُرت هذه الأيام. ويظهر للوهلة الأولی أن النظام السياسي لا يزال وفياً لأساليبه القديمة، ولا يوجد مكان للفصل في أمور الشأن العام، إلا في الغرف المغلقة".

ويتابع "يعمد الحكم إلى تسريب المعلومات كبالونات اختبار للمجتمع، فالتعديل الدستوري فقد أهميته السياسية والشعبية، بفعل التطورات المتسارعة في الجزائر". وأضاف "الجميع يعلم أن الشعب الجزائري لا يهمه التعديل الدستوري على الإطلاق، فهو لا يرى فرقاً في حياته بين هذا الدستور وذاك. كما أن الطبقة السياسية، التي هي جزء من الشعب، تعلم أكثر من غيرها أن الذي يُسيّر البلد ليست الدساتير ولا القوانين ولا التشريعات، وإنما الأمزجة ورغبات المسؤولين وأن سلطة الفاسدين والمرتشين ومجموعات المصالح والمحاور الجهوية في بلدنا، أعظم وأقوى من أي قانون".

ويرى مقري أن "تعديل الدستور من خلال البرلمان يُبيّن أن النظام السياسي عجز عن تحقيق التوافق. ولا غرابة في ذلك، لأن أساليبه الفوقية القديمة لم تعد نافعة مع طبقة سياسية، تحمّلت مسؤوليتها بالنظر للمخاطر التي أصبحت تهدد البلد، ولذلك يريد اليوم مرة أخرى من خلال إشغال الناس بالدستور، إخفاء فشله المستمر في تحقيق التنمية وتوفير الحريات". وبرأي زعيم حزب "العدالة والتنمية" المعارض عبد الله جاب الله، فإن "سبب الارتباك يعود إلى سعي السلطة إلى تمرير الدستور على البرلمان، بدلاً من إجراء الاستفتاء الشعبي".

وقال في مؤتمر سياسي لقيادات حزبه إن "عرض تعديل الدستور أمام غرفتي البرلمان لن يكون مجدياً، وهو دليل بأن التعديل سيكون سطحياً، ولن يمس ما تعلق بتوزيع السلطات وإعطاء الضمانات المتعلقة باحترام الحريات، وتدارك كل النقائص والفراغات المسجلة في الدستور الحالي".
أما بالنسبة إلى مناصري بوتفليقة، فلديهم رؤية مختلفة للأمر، إذ لا يرى رئيس حزب "تجمّع أمل الجزائر"، ووزير النقل عمّار غول، الأمر "متعلقاً بتأخر أو تردد سياسي، بقدر ما يكشف عن تروٍّ، يستهدف الطرح الأفضل لصيغة الدستور المقبل".
ويقترح غول أيضا، وهو من أشد المدافعين عن سياسات بوتفليقة، عقد ندوة وطنية تخصص لمناقشة مقترح الدستور، تشارك فيها كل القوى السياسية والمدنية في البلاد. مع العلم أنه سبق لـ "جبهة القوى الاشتراكية" أن قدّمت مبادرة، لعقد "المؤتمر السياسي الوطني"، الذي دعت إليه منذ أشهر وقررت عقده في فبراير/شباط الماضي، قبل أن تقرر تأجيله بسبب عدم وجود إجماع حول المؤتمر".

بعض التسريبات من مستويات سياسية مقربة من السلطة، تؤكد أن أطرافاً فاعلة في دوائر القرار، مهتمة بتأجيل طرح الدستور الجديد، ولا تُفضّل أن يكون بوتفليقة، الذي يعاني من وعكة صحية ويدير شؤون الدولة بصعوبة بسبب ذلك، هو المبادر إلى طرح مسودة دستور جديد، وتفضل أن يكون ذلك في
مرحلة ما بعد بوتفليقة.


تاريخ الاضافة: 08/04/2015
طباعة