موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || "السنيورة" يفجر مفاجآت خلال شهادته أمام المحكمة الدولية
اسم الخبر : "السنيورة" يفجر مفاجآت خلال شهادته أمام المحكمة الدولية


روى رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة إلى أي مدى كان يتحكم النظام السوري في السياسة اللبنانية، وكيف أهان رئيس النظام السوري بشار الأسد؛ رفيق الحريري إهانة بالغة.

وخلال شهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، صرح "السنيورة" قائلًا: "التقيت الحريري مرات عدة قبل 1992 في سوريا، وكان يطلعني على الجهود التي كان يبذلها من أجل لبنان والتواصل الذي كان يقوم به مع الرئيس حافظ الأسد، وفي 1997 كانت العلاقة بين الحريري والنظام السوري تمر بفترات توتر وتحسن، والأمور كانت تتعقد أكثر فأكثر مع النظام السوري بسبب التدخلات وعملية استتباع لبنان بشكل كامل، فالنظام السوري كان يشرف على اختيار الوزراء"، بحسب صحيفة "إيلاف".

ويوضح "السنيورة": "أذكر أن الحريري في تأليف حكومة 1997 عبر أمامي عن ضيقه وعدم تقبله لفكرة فرض مجموعة من الوزراء عليه. وحين تلقى لائحة أسماء من النظام السوري قال لي: إنه سيذهب للقاء الأسد، وذهب فعًلا، وحاول إقناعه بأن الظروف لا تسمح بتسمية هؤلاء الوزراء، لكنه أكد لي أن الأسد كان مصممًا على موقفه، ولم أسمع من الحريري أن ثمة اعتراضًا على وجودي كوزير في حكومة 97".

وفي ذات السياق، يضيف "السنيورة": "أوصيت بغازي يوسف لدى الحريري كمرشح لمجلس النواب، وكان هناك معارضة مرة ثانية من خلال النظام الأمني السوري لترشح غازي يوسف للنيابة، والحريري اتصل بي وأخبرني عن هذه المعارضة وتمنى لي أن أنقل هذا الكلام ليوسف، وناصر قنديل وضع على اللائحة في 2000 بطلب من النظام الأمني السوري، والحريري كان متضايقًا وغاضبًا جدًّا، لكنه اضطر للموافقة، فالنظام الأمني كان يعتبر أن قنديل أفضل من يمثلهم، لذا أصروا على أن يكون نائبًا عن لائحة الحريري".

وتابع: "كان ثمة من يأخذ التعليمات وينفذها ويوصل الأخبار ويعطي الصورة التي يريدها النظام السوري، وليس هذا من طبيعة غازي يوسف، بينما ناصر قنديل، كل من يعرفه سابقًا واليوم، فإنه أفضل من يمثل النظام السوري، وقبضة هذا النظام كانت قوية جدًّا، وليس هناك من أمر يمكن أن يتم في لبنان من دون تدخل منه".

إلى ذلك، أشار السنيورة إلى أن الرئيس الأسبق أميل لحود أبلغ الحريري عدم السير في أي من الإصلاحات التي أعدت على مدى 5 سنوات، من 1993 حتى 1998، مضيفًا: "عرقلة لحود للإصلاحات ما كانت لتتم لولا غض النظر السوري، وهناك من حاول لجم إصلاحات الحريري كي يبقى لبنان مستتبعًا للنظام السوري".

وواصل "السنيورة" شهادته قائلًا: "بالنسبة للنظام السوري، كل عملية إصلاح تؤدي إلى مزيد من الكفاءة والجدارة، كان له عمل مستمر من التضييق ومنع لإصلاحات الحريري. كان هناك مسعى للتضييق على الحريري من خلال لحود، فالحريري نجح بإطلاق ورشة عمل أساسية في قطاعات عدة لكن هناك مبالغة كبيرة في الحديث عن إطلاق يده في الإعمار".

"الحريري قال لي: إن ثمة من يبحث عن أي وسيلة لإجهاض النجاح الذي تحقق في مؤتمري باريس الاقتصاديين، فكان هناك خشية دائمة من تحقيق الحريري نجاحات مهمة في الخارج، وكان ثمة حساسية سورية من ذلك وشهدنا مساعي لتشويه صورته لدى الناس"، والكلام لـ"السنيورة".

ويكشف السنيورة في شهادته أنّ "الحريري تحدث لي أكثر من مرة عن أسماء سورية متورطة في الفساد، وكانت على مستويات عالية، ومن مواضيع الفساد التي تورط بها مسؤولون سوريون في لبنان: التلزيمات والجمارك وقطاع الهاتف وغيرها من الأمور التي كنا نسمع بها وندرك ماذا يجري فيها".

من جانب آخر، تحدث "السنيورة" عن اللقاء بين الحريري وبشار الأسد في كانون الأول (ديسمبر) 2003، وفي بداية 2004، فقال: "عندما كان الحريري يذكر هذا اللقاء كان يتجهم ويظهر عليه مقدار من الغضب وشعور عميق بالإهانة، وفي إحدى المرات حين كنت مغادرًا، أطرق الحريري باكيًا على كتفي وقال لي: لن أنسى في حياتي الإهانة التي وجهها لي بشار الأسد، وكان متوترًا جدًّا عندما يستذكر تلك الحادثة، وكنت أتجنب تحريك ذلك السكين في جرحه وكان جرحًا عميقًا. كنت أتفهم عدم رغبته بإعادة العبارات التي سمعها، لكنه قال: "بهدلني وشتمني وأهانني"، وهذه العبارات كافية، ولست مضطرًّا أن أسأله ما هي العبارات الحرفية التي قالها الأسد".

وأضاف: "الحريري أفرج عن غيظه وغضبه أمامي مباشرة، وهذا أهم من أي قول سمعته من هناك أو هناك، والنظام السوري كان يلجأ لأسلوب التهديد والشتم والتهويل بنسب مختلفة مع السياسيين والمسؤولين اللبنانيين كي ينصاعوا لما كان يريده".

وتابع "السنيورة" شهادته قائلًا: "وصل كلام للحريري أنه لم يكن ثمة رأي ثابت للأسد من مسألة التمديد للحود، وأذكر أن عبد الحليم خدام أخبره بأنه اجتمع مع الأسد الذي قال له: إنه لن يسير بفكرة التمديد".

لكن ثمة ما تغير، "الحريري أبلغني أنا وباسل فليحان أن الأسد قال له: إما أن تسير بالتمديد أو أكسر لبنان على رأسك، وفي 28 آب (أغسطس)، عرفت أن الحريري سيقبل بالتمديد للحود كما طلبت منه دمشق، ولم أعده بأنني سأحضر الجلسة، ورفضت أولًا حضور الجلسة لأنني لم أقبل بتعديل الدستور، لكني لاحقًا قمت بهذه الخطوة تقديرًا للحريري، والمخابرات السورية أخبرت الحريري أنه سيجد لحودًا آخر بعد التمديد له، فالسوريون وعدوا الحريري أنه إذا مدد للحود فسيمنعونه من السباحة"، والكلام لـ"السنيورة".

وأضاف أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان: "بعدما لم يلمس الحريري أي تغيير في سياسة لحود، اتصل بالعميد برستم غزالة وقال له: هل هذا ما وعدتنا به؟"، مشيرًا بقوله: "فكرت باعتزال العمل السياسي بعد التمديد للحود، والحريري كان يريد أن يرفع لبنان إلى أهم المراكز ويحرص دائمًا على القول: "ما حدا أكبر من بلده"، لكن البعض في لبنان كان مستعدًّا لتدميره، وكان هناك جماعات تهاجم الحريري لاغتياله معنويًا، وأبرز الاتهامات التي وجهت له أنه يريد الحجر وليس البشر، وكل الذين يدورون في فلك النظام السوري كانوا يكنون العداء للحريري، والتعاون الأمني السوري اللبناني كان مكانًا لترويج الشائعات عن الحريري، والأداة السورية في لبنان كان يمثلها العميد رستم غزالة، لكن الحريري قال: إنهم لن يتجرأوا على قتله" حسب تعبيره.

تاريخ الاضافة: 23/03/2015
طباعة