موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || المغرب يتفاوض مع إسبانيا حول ملف الغازات السامة
اسم الخبر : المغرب يتفاوض مع إسبانيا حول ملف الغازات السامة


كشفت الحكومة المغربية أخيراً أنّها تجري مفاوضات مع نظيرتها الإسبانية، بهدف إيجاد حلول مرضية تغلق ملف استعمال الجيش الإسباني للغازات السامة في الريف، شمالي البلاد، وذلك لقمع المقاومين والمطالبين باستقلال المنطقة، في الفترة بين 1921 و1926.

وأفادت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية، مباركة بوعيدة، أنّ المفاوضات جارية بين المغرب وإسبانيا لطي ملف الغازات السامة بالريف، مبرزة أنّه "ملف يتسم بالحساسية، ويتعين التعاطي معه بمسؤولية لأبعاده الإنسانية والتاريخية والسياسية".

وشدّدت الوزيرة، في مداخلة لها أمام البرلمان المغربي، على أنّ "الحكومة تتعامل مع هذا الملف بحكم العلاقات الجيدة التي تجمع بين البلدين، قبل أن تطالب حكومة ماريانو راخوي بأخذ قرارات جريئة في ملف من مخلفات الاستعمار الإسباني لشمال المغرب".

حديث الوزيرة المغربية عن مفاوضات بين المملكتين بشأن ملف الغازات السامة ليس وليد اليوم، فقد سبق لوزراء خارجية سابقين أن دعوا بصراحة الحكومة الإسبانية إلى تعويض سكان الريف عن حرب الغازات السامة، التي خاضتها في عشرينيات القرن الماضي.

ولا ينفك البرلمان المغربي بدوره، عن إثارة هذا الملف بين الفينة والأخرى، حيث طالبت بعض الأحزاب من إسبانيا تعويضات مادية لسكان الريف من ضحايا تلك الغازات، وتقديم اعتذار رسمي لهم، باعتبار ما تسببت فيه من أمراض مزمنة وفتاكة باستعمال غازات محرمة دولياً.

وكان الجيش‎ الإسباني قد لجأ إلى إلقاء الغازات السامة على سكان‎ منطقة الريف للقضاء على الثورة ‏بقيادة المقاوم الشهير، محمد بن عبد الكريم‎ الخطابي، والذي استطاع أن يكبد إسبانيا أكبر "‏هزيمة" في تاريخها العسكري خلال معركة "أنوال" سنة 1921.

ويطالب المجتمع المدني بأن تعترف إسبانيا بجرائمها التي اقترفتها ضد سكان الريف، خاصة أنّها تسببت في إصابة العديد بمرض السرطان، الذي أودى بحياة الكثيرين، من دون أن يدري حينها الضحايا أسباب المرض، كما أن أبحاثاً علمية أثبتت العلاقة بين الداء وتلك الغازات السامة.

وفي هذا الصدد تنشط جمعية "ضحايا الغازات السامة" بالريف، من أجل الضغط على الحكومة المغربية لدفع نظيرتها الإسبانية إلى الاعتراف بجرائمها في حق سكان الريف، وتعويض ضحايا الغازات السامة.

ذكريات حرب الريف، دفعت أكاديميين أيضاً إلى متابعة هذا الملف، منهم المؤرخ الباحث المغربي، مصطفى بن شريف، الذي ألف كتاب "الجرائم الدولية وحق الضحايا في جبر الضرر: حالة حرب الريف".

وأكّد بن شريف، أنّه طيلة تسعة عقود التي مرت، انتشرت في منطق الريف، العديد من الأمراض السرطانية، بنسبة أكبر من باقي مناطق البلاد، حيث تم تسجيل ما بين 60 و80 في المائة من حالات السرطان في الريف المغربي، ليعتبر هذا المعدل أعلى نسبة للإصابة بالداء في العالم.

ويرى هذا المؤرخ أنّه قانونياً يصعب إثبات مسؤولية عسكريين وسياسيين، أمروا بإلقاء تلك الغازات السامة لكونهم قد غادروا المكان، وهي الحالة ذاتها بالنسبة للضحايا المباشرين لتلك الحرب، ما يُعيق تطبيق القانون الجنائي الدولي، ويُسقط الدعوى العمومية.

ويشدّد بن شريف، على أنه يمكن متابعة الدول المتورطة في استخدام الغازات السامة ضد سكان الريف لإحباط مقاومتهم ضد الاستعمار الإسباني، خاصة الحكومتين الإسبانية والفرنسية والألمانية أيضاً، لكونها كانت ممولة لإسبانيا في مجال الأسلحة الكيماوية.

تاريخ الاضافة: 27/12/2014
طباعة