موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || مرض بوتفليقة يربك السلطات الجزائريّة
اسم الخبر : مرض بوتفليقة يربك السلطات الجزائريّة


ليس الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وحده المريض في الجزائر، لكنّ أجهزة الاتصال الرسمي والتواصل الحكومي مع الرأي العام مريضة أيضاً. فالخيبات الكبيرة التي منيت بها الحكومة في محطات عدّة، على صعيد الاتصال الرسمي مع الرأي العام الجزائري والدولي، ومرض بوتفليقة منذ أبريل/نيسان 2013، والنتائج الوخيمة المترتّبة على ذلك، لم تدفع الحكومة الجزائريّة إلى حفظ الدروس واستخراج العبرة.

ولم تصدر رئاسة الجمهوريّة في الجزائر، أي توضيح أو تأكيد أو نفي، للأخبار التي تداولتها وكالات الأنباء والمواقع الإخباريّة، المحليّة والدوليّة، منذ مساء الجمعة الماضي. ورفض وزراء الحكومة الجزائريّة، حتّى وزارة الاتّصال، التعليق على هذه الأخبار، باعتبار أن مرض بوتفليقة "سرٌ من أسرار الدولة". ويأتي غياب الموقف الجزائري، بعد تأكيدات فرنسيّة بوجود بوتفليقة في مستشفى غرونوبل، حيث انتشر عدد من قوات الشرطة الفرنسيّة، لمنع الصحافيين وعدد من أفراد الجالية الجزائرية من الاقتراب، ومن ثمّ إعلانها مساء أمس السبت، مغادرته المستشفى.

في موازاة ذلك، بقيت السلطات الجزائرية عاجزة، عن إصدار أي بيان من شأنه توضيح وطمأنة الرأي العام الجزائري، وظلّ التلفزيون الرسمي يتجاهل الخبر، مفضلاً بدء نشرات الأخبار، بنبأ إرسال بوتفليقة، برقيّة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في ذكرى إعلان قيام الدولة الفلسطينية. وأسفر ذلك عن حالة من الشكّ والتوتر والقلق لدى الجزائريين، إزاء صحةّ بوتفليقة والتداعيات المتّصلة بمرضه، خصوصاً في ظلّ عودة الجدل منذ أسابيع، بشأن قدرته على إدارة شؤون البلاد، بعد غيابه لفترة عن المشهد السياسي لفترة.

ودفع غيابه المتكرّر المعارضة الجزائريّة، إلى المطالبة بكشف حقيقة وضع بوتفليقة الصحي، ما اضطُر الأخير مع زيادة ضغط المعارضة والجدل السياسي والإعلامي، إلى الظهور على شاشة التلفزيون، في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ثم القيام بسلسلة استقبالات لسفراء ومسؤولين أجانب زاروا الجزائر، حتى يوم الإثنين الماضي. وبدا بوتفليقة في حالة صحيّة عاديّة، علماً أنه استقبل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.

ويستغرب متابعون محاولات السلطات الجزائريّة المتكرّرة لإخفاء حقيقة تنقّل بوتفليقة للعلاج في فرنسا، على الرغم من علمها بأنّ الخبر سيتسرّب لا محالة، إلى وسائل الإعلام الفرنسيّة، عدا عن كون الأمر مسألة طبيعية لا يرتّب الكشف عنها، أيّ تداعيات تمسّ الدولة الجزائريّة. وكانت معرفة الرأي العام الجزائري بمرض بوتفليقة، ونقله إلى فرنسا للعلاج في مستشفى فال دو غراس العسكري، عبر وسائل الإعلام الفرنسية، في أبريل/نيسان 2013، قد أثار لغطاً سياسياً وإعلامياً حاداً.
وذكر مصدر فرنسي رسمي، مساء الجمعة الماضي، أن بوتفليقة نقل إلى غرونوبل بناء على اتفاق مسبق مع المسؤولين الفرنسيين، جرى خلال زيارة فابيوس إلى الجزائر، الإثنين الماضي. ويبدو أنّ بوتفليقة اختار التوجّه إلى مستشفى غرونوبل، باعتباره مستشفى متخصصاً في أمراض القلب والأوعية الدمويّة، بدلاً من مستشفى فال دو غراس العسكري في باريس، لكنّه ظلّ تحت متابعة الطبيب الفرنسي الذي كان يشرف على علاجه.

وأكّدت وسائل إعلام فرنسيّة، مساء الجمعة الماضي، أن بوتفليقة وصل إلى غرونوبل، وأُدخل إلى قسم مخصّص لعلاج أمراض القلب والأوعية الدموية، مشيرة إلى تخصيص طابق كامل لاستقبال بوتفليقة. وأفادت بتعزيزات من الشرطة وصلت سريعاً إلى محيط العيادة، حيث أقامت الحواجز المعدنيّة.

ويعاني بوتفليقة من وعكة صحيّة، نتيجة إصابته بالقرحة المعدية منذ عام 2005، لكنه تعرض لجلطة دماغيّة حادة في 27 أبريل/نيسان 2013، ونقل على وجه السرعة إلى مستشفى فال دو غراس العسكري في باريس، حيث قضى 81 يوماً، شهران منهما في قسم للراحة، خاص بقدماء المحاربين، وتابع لوزارة الدفاع الفرنسيّة.

يُذكر أنّ بوتفليقة يبلغ 77 عاماً، وعلى الرغم من متاعبه الصحية، لكنّه ترشّح للانتخابات الرئاسية الأخيرة في أبريل/نيسان الماضي وفاز بالانتخابات، بعد أن أدّى واجبه الانتخابي على كرسي متحرّك. ومنذ ذلك الحين، يغيب بوتفليقة عن المشهد السياسي بشكل دوري، ما دفع بأحزاب المعارضة إلى المطالبة بتطبيق المادة 88 من الدستور، والمتعلّقة بإعلان شغور منصب رئيس الجمهوريّة.


تاريخ الاضافة: 16/11/2014
طباعة