موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || تونس: مساعٍ لمواجهة "نداء تونس" بمرشّح واحد للرئاسة
اسم الخبر : تونس: مساعٍ لمواجهة "نداء تونس" بمرشّح واحد للرئاسة


شرعت بعض الأحزاب التونسيّة، التي لم تستطع أن تحقّق النتيجة المرجوّة في الانتخابات التشريعية، بتحليل أسباب "الفشل" الذي طالها، ومحاولة فهم التصويت "القاسي" الذي ارتدّت نتائجه على عدد كبير من الأحزاب السياسيّة العريقة في المشهد التونسي، مع توجّه الأنظار إلى الاستحقاق الرئاسي المقبل.

ويرى القيادي في الحزب "الجمهوري" عصام الشابي، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّ "الأحزاب الديمقراطيّة والوسطيّة فشلت في طرح بديل ثالث عن حالة الاستقطاب الثنائي بين حركتي "نداء تونس" و"النهضة"، مؤكّداً أن "كلّ الأحزاب التي اقتربت من القطبين في المعارضة أو الترويكا تأذّت بشكل كبير في الانتخابات التشريعيّة، بسبب خطاب الاستقطاب الذي دارت حوله الانتخابات، وتمحور حول التصويت إما لـ "النهضة" أو ضدّها".

من جهته، يعتبر الفائز عن حزب "التحالف الديمقراطي" في الانتخابات، مهدي بن غربية، أنّ "الأحزاب الديمقراطية تفكّكت نتيجة طموحات سياسيّة لبعض الشخصيات، وأن التصويت المفيد هو الذي أفشل بقية الأحزاب السياسيّة وأقصى مناضلين عدّة عن الساحة السياسيّة.

ويوضح أنّ "العبرة الأهم التي يمكن استخلاصها، هي أن الأحزاب المفكّكة ليس لها أي مستقبل، وعليها أن تتّحد وتجتمع في الكتلة السياسيّة ذاتها".

وفي سياق متّصل، يعتبر الأمين العام لحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" عماد الدايمي، أنّ "الشعب التونسي توجّه برسالة للمؤتمر في هذه الانتخابات، وقد وصلت إلى قيادات الحزب". ويوضح أنّ "مضمون رسالة الشعب التونسي تقول خطابكم لم يصل، اهتماماتكم وقضاياكم لا تمسّنا في حياتنا اليومية"، مؤكداً أن الحزب "سيراجع خطابه وسيحاول معرفة مطالب التونسيين أكثر"، وفق تصريحات إذاعيّة. 

وفي موازاة إشارته إلى أنّ "الحزب يتحمّل المسؤوليّة عن النتائج التي حصدها في هذه الانتخابات"، مؤكّداً "أنّنا لن نتهرّب من نتيجتنا، والشعب وجّه لنا رسالة قاسية"، يشدد الدايمي على أنّ "الحزب لن يغيّر ثوابته". ويلفت إلى أنّ "نواب الحزب سيكونون ضد عودة المنظومة القديمة، ولن يشاركوا في حكومة وحدة وطنيّة بالتشكيلة الحالية".

وأمام نتائج الانتخابات التشريعية، وقبل أسابيع عدّة من موعد الانتخابات الرئاسيّة، يكشف الدايمي عن "اتصالات تجري مع عدد من الأحزاب لإنشاء قطب ديمقراطي يجمع القوى الوطنيّة التي تؤمن باستحقاقات الثورة". ويشير إلى "إمكانية وجود أرضيّة مشتركة مع كل من حزب "التكتل" والحزب "الجمهوري" و"حركة الشعب" في الفترة المقبلة، للدفاع عن مكاسب المرحلة السابقة وعن الدستور".

وفي السياق نفسه، تحاول أحزاب "العائلة الديمقراطيّة"، أن تبحث عن صيغ جديدة تنجح بسرعة شديدة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، في مدة زمنية قصيرة جداً لمنع "تغوّل نداء تونس" وسيطرته الكاملة على المشهد السياسي التونسي،على حدّ تعبيرها. 

ولم يتأخر رئيس حزب "التكتل" مصطفى بن جعفر، خلال ندوة صحافية، عن الإعلان بأنّهم لم يتوقعوا النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية. وفي حين يؤكّد أن حزبه يتقبّل النتائج، يشير في الوقت ذاته إلى أنّ "غياب القوى الاجتماعية في المشهد الذي أفرزته الانتخابات سيكون بمثابة النقطة السوداء خلال السنوات الخمس المقبلة، فضلاً عن تدفّق المال السياسي والدور الكبير الذي لعبه في الانتخابات".

ويدعو بن جعفر "الشخصيّات وممثلي الأحزاب الديمقراطيّة لدعم مرشّح واحد للانتخابات الرئاسيّة، لتفادي ما وقع في الانتخابات التشريعيّة وتشتيت الأصوات"، مبدياً استعداده للتخلي عن ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة، في حال تمّ التوافق على شخصيّة واحدة.

ويتساءل عدد من المتابعين، عن مدى واقعيّة هذا الاقتراح، الذي تحيط به صعوبات حقيقية وموضوعيّة، أبرزها ضيق الوقت الفاصل عن الانتخابات الرئاسيّة، والتي انطلقت حملاتها في الخارج. ويقول القيادي البارز في حزب "التكتل" خليل الزاوية، لـ "العربي الجديد"، إنّه "لا يثق كثيراً في أن تؤدي المبادرة التي أطلقها رئيس حزبه إلى نتيجة ما".

وفي الإطار ذاته، يدعو الشابي في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى اجتماع "العائلة الديمقراطيّة" ولكن بعد الانتخابات الرئاسيّة، مشدداً على أنّ "الطموحات الذاتيّة للشخصيات والأحزاب تحول دون نجاح هذه المبادرة"، ويتمسّك في الوقت ذاته، بمرشح حزبه أحمد نجيب الشابي للرئاسة.

لكّن هذه الأحزاب ستكون محكومة بالضرورة، بتوحيد موقفها من الانتخابات الرئاسيّة، والالتقاء حول شخصيّة واحدة، على الأقلّ في الدورة الثانية، وهو ما يدعوها إلى الاتّفاق على هذا المبدأ منذ الآن، وهو ما تميل إليه بعض القوى، وفق ما تكشف مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد". وسيكون على حركة "النهضة"، "المتكتّمة" جداً، أن تبلور موقفاً واضحاً من هذا الاستحقاق في وقت قريب جداً، بحكم إلحاح الظرف السياسي الذي وضعها في موقع "المعدّل السياسي"، وهي ستكون ملزمة بلعب هذا الدور في الأيام المقبلة، وفق ما ستفرزه توجّهات التحالفات بين "نداء تونس" وبقية الأطراف، وهي خيارات قليلة بحسب متابعين.


تاريخ الاضافة: 03/11/2014
طباعة