موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || ليبيا: الدعوة الى الحوار استباق لإعادة شرعيّة المؤتمر
اسم الخبر : ليبيا: الدعوة الى الحوار استباق لإعادة شرعيّة المؤتمر


يرى محللون أنّ دعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أطرافاً ليبية لم تسمّها، الى الحوار في 29 سبتمبر/أيلول الحالي، تأتي كخطوة استباقية، لما قد يصدر عن الدائرة الدستوريّة في المحكمة العليا من حكم، قد ينسف المرحلة الانتقالية الثالثة برمّتها ويعيد الشرعيّة كاملة، غير منقوصة، إلى المؤتمر الوطني العام، في مدة زمنيّة غير معلومة.

وكانت بعثة الأمم المتحدة أعلنت، عبر بيان لها على موقعها الرسمي، أنّه خلال الأسبوعين الماضيين، عقد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، برناردينو ليون، مشاورات مع عدد من الأطراف الليبية الفاعلة، من جميع أنحاء البلاد، بمن في ذلك برلمانيون وزعماء سياسيون والعديد من شخصيات المجتمع المدني. وأشارت إلى أنّ "هذه المناقشات أكدت وجود توافق عام، أنّ الحل الوحيد للأزمة الحالية في ليبيا، هو عقد حوار سياسي يؤدي إلى الاتفاق على إطار مؤسّساتي وإجماع سليم على طرق استمرار عملية التحوّل الديمقراطي".

وقالت البعثة إن "الحوار سيُعقد على أساس مجموعة من المبادئ، متمثلة في الاعتراف بشرعيّة المؤسّسات المنتخبة واحترام الإعلان الدستوري، وعلى مبدأ أن يكون شاملاً، وعلى احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي والنبذ الصريح للإرهاب".

وأشارت الأمم المتحدة الى "أنّها ستتقدم عما قريب، بمقترح للقاء الوفود التي تمثل الأطراف المختلفة في الصراع الليبي، يوم الاثنين المقبل، في جولة أولية للحوار، ستركز نقاطه على التوصّل إلى اتفاق حول النظام الداخلي لمجلس النواب، إلى جانب الاتفاق على القضايا الملحّة المتعلّقة بالحوكمة في البلاد، وستتطلّب هذه القضايا الرئيسة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب، وستخضع قرارات مجلس النواب كافة للنظام الداخلي المتّفق عليه، والاتفاق على تاريخ ومكان ومراسم تسليم السلطة من المؤتمر الوطني العام السابق إلى مجلس النواب"

كما كان لافتاً إعلان رئيس المحكمة العليا الليبية، كمال بشير دهان، عبر قناة تلفزيونية محلية، أنّ الدائرة الدستوريّة في المحكمة ستفصل في الطعن الدستوري المقدّم ضد شرعيّة انعقاد مجلس النواب الليبي في طبرق، وقانون انتخابات المجلس، والتعديل السابع على الإعلان الدستوري، الذي جاء في مجلس النواب الليبي، كمرحلة انتقاليّة ثالثة وتالية للمؤتمر الوطني العام، وذلك في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وتزامن إعلان رئيس المحكمة العليا مع تسريبات عدة من داخل المحكمة العليا، وتوقعات خبراء في القانون الليبي بأنّ الدائرة الدستوريّة ستفصل في الدعوى المنظورة أمامها بعدم دستوريّة انعقاد مجلس النواب الليبي، وكذلك عدم دستوريّة التعديل السابع على الإعلان الدستوري المقترح من قبل لجنة فبراير، والموافق عليه من قبل المؤتمر الوطني العام، وعدم دستوريّة قانون انتخابات مجلس النواب الليبي.

ويشير محللون سياسيون الى أنّ الدليل على محاولة بعثة الأمم المتحدة، استباق حكم الدائرة الدستوريّة، هو أنّ أساس عقد الحوار الاعتراف بشرعيّة المؤسّسات المنتخبة، واحترام الاعلان الدستوري، وبالتالي التزام أطراف هذا الحوار المتنازعة بمخرجات المفاوضات على هذه الأسس، بصرف النظر عمّا قد ينتج عن حكم المحكمة العليا، من إلغاء هذه المبادئ وهي مجلس النواب، وقانون انتخابه، والتعديل السابع الذي تمّ على أساسه، وضع قانون انتخابات مجلس النواب كمرحلة انتقاليّة ثالثة وأخيرة.

وتقول مصادر عدة، إن المؤتمر الوطني العام الليبي لن يحضر جلسات الحوار تلك، إلا في حالة اعتبار حكم المحكمة العليا بخصوص إلغاء المرحلة الانتقاليّة الثالثة بكل مؤسّساتها المنتخبة، أساساً جديداً لمفاوضات جديدة باعتباره صاحب السلطة التشريعية العليا في البلاد، بعد اعتبار كلّ قرارات مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق منعدمة كنتيجة منطقيّة لعدم دستوريّة انعقاده.

وتضيف المصادر أنّ ممثلي المؤتمر الوطني العام لن يحضروا جلسات الحوار تلك في حالة عدم موافقة البعثة الأمميّة على اعتبار حكم المحكمة العليا في حدّ ذاته، مبدأ جديداً للحوار في حالة حكمه بعدم دستوريّة قانون انتخابات مجلس النواب، والتعديل الدستوري السابع، ومجلس النواب في طبرق، حتى لا يرتّب على نفسه التزامات سياسيّة قد تقلّل من القيمة السياسية والقانونية لحكم المحكمة العليا.

ويرى بعض المتابعين للشأن الليبي، أنّ مبادرة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، جاءت لإنقاذ مخرجات المرحلة الانتقاليّة الثالثة وأهمّها مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق، وما قد ينجم عنه من حكومة، وتصحيح لكل القرارات التي اتّخذها وتعتبرها أطراف ليبية لمصلحة الطرف السياسي الخاسر عسكرياً، وهو حزب تحالف القوى الوطنية، برئاسة، محمود جبريل، وذراعه العسكرية في الغرب الليبي المتمثلة في كتائب القعقاع والصواعق والمدني، وجيش القبائل الليبية بورشفانة، والمتحالفين مع اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، الذي يقود "عملية الكرامة" منذ 16 مايو/أيار الماضي في بنغازي.

ويبدو جليّاً بالتالي، أن رهانات البعض في ليبيا، هي على إنقاذ مرحلة انتقاليّة ثالثة، مقابل رهانات أخرى على عودة المرحلة الانتقاليّة الثانية، بزعامة المؤتمر الوطني العام، من دون سقف زمني محدد، لكنّ الكرة تظل في ملعب الدائرة الدستوريّة في المحكمة العليا، وفي انتظار من يتلقّفها من أطراف الصراع.

تاريخ الاضافة: 24/09/2014
طباعة