موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || انفراجة في بغداد: حكومة بثلاثين وزارة والداخلية للسنّة
اسم الخبر : انفراجة في بغداد: حكومة بثلاثين وزارة والداخلية للسنّة


توالت التسريبات السياسية من غرف المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط بغداد، حول شكل الحكومة العراقية المقبلة، وحجمها وسياستها وأولى مهامها، وذلك بعد يوم واحد من انتعاش آمال تشكيلها ضمن الفترة الدستورية المحددة التي لم يتبقَّ لها سوى تسعة أيام.

ووضعت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، معيار "الحكومة التوافقية" و"الشراكة القوية" كشرط لمساعدة العراق في التصدي للتحديات الأمنية التي تعصف بالبلاد، لكن على ما يبدو أن الخطط الأميركية تجاوزت ملف تنظيم "داعش" وإعادة الاستقرار للبلاد.

وكشف قيادي بارز في "التحالف الوطني" الحاكم، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد" أن "برنامج حكومة حيدر العبادي جاء مستورداً من واشنطن وبشكل جاهز للتطبيق، ومعه أدوات الاستخدام المتمثلة بالدعم العسكري الأميركي، والضغط على الأطراف الداخلية لإنجاح الحكومة".

وأضاف المصدر أن" الحكومة الجديدة ستضم ثلاثين وزارة بترشيق ملحوظ عن حكومة نوري المالكي السابقة التي بلغت 41 حقيبة، غالبيتها أسندت إلى شخصيات شيعية مقربة من رئيس الحكومة نفسه"، موضحاً أن "وزارة الداخلية ستمنح للمرة الأولى منذ الاحتلال للعرب السنة، فيما ستذهب وزارة الدفاع للتحالف الشيعي والخارجية للتحالف الكردستاني".

وحول برنامج الحكومة الجديد، قال إن "العبادي تلا البرنامج على أعضاء التحالف وبدا أنه ملزم به، فقد كرر عبارة (تماشياً مع الخطر المحدق بالبلاد) و(لمنع المركب من الغرق) وهي إشارات تشير إلى أنه أرغم أو ضُغط عليه في اختيار البرنامج". وأكد أن "البرنامج يركز على إعادة الاستقرار إلى البلاد، واسترداد المناطق الشمالية والغربية من قبضة تنظيم (الدولة الإسلامية) وتنفيذ مصالحة وطنية حقيقية وتجريم الميليشيات، إضافة إلى فتح صفحة جديدة مع دول الخليج العربي وتبادل السفراء مع جميع تلك الدول وتوقيع اتفاقيات تعاون مشترك".

وكان الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، قد أوضح في تصريحات لقناة "سكاي نيوز" الأميركية، يوم الإثنين، أن "ثمة قناعة كاملة لدى الأطراف السياسية بأنه لا بد من أن نعيد للعراق علاقاته مع دول المنطقة والدول العربية ودول العالم؛ لأنه من الصعوبة أن نعتمد فقط على أنفسنا لمحاربة هذه المجموعات المسلحة"، مؤكداً على "ضرورة بناء تحالف واسع لمحاربة المجموعات المسلحة في العراق التي تشكل تهديداً للأمن الإقليمي والدولي".

وكان السفير الأميركي في بغداد، روبرت بيكروفت، قد أجّل إجازته السنوية المقررة الأسبوع الحالي، لمواصلة عملية الضغط على الشركاء السياسيين في العراق وتقريب وجهات النظر بينهما، وفقاً لمسؤولين عراقيين في وزارة الخارجية.

ويلاحظ من مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، مسألة تراجع الدور الإيراني على حساب نظيره الأميركي بشكل كبير، وهو ما بدا جلياً في تمكن العرب السنة من الحصول على مكاسب سياسية كانت حتى وقت قريب مستحيلة، إذ كان قانون العفو العام وإطلاق سراح ضباط الجيش السابق وإلغاء قانون اجتثاث البعث، وتحويله إلى ملف قضائي، وهي الشروط التي وافق عليها التحالف الوطني، خطوطاً حمراء بالنسبة لإيران.

كما أنها تعني بطبيعة الحال استمرار العرب السنة بالعملية السياسية التي هددوا مراراً بمقاطعتها وعدم الاشتراك فيها، بالتزامن مع بداية تسلل اليأس في الشارع السني من جدوى الحراك المسلح، بعد دخول "داعش" على الخط، وجر الدول الكبرى عسكرياً إلى الساحة العراقية لمواجهتها.

ومنحت الولايات المتحدة نقطة قوة إضافية إلى العرب السنة في العراق في الفترة الأخيرة، عندما قررت مشاركتهم في الحكومة كشرط لتوسيع عملياتها العسكرية، وهو ما كان ينتظره التحالف الوطني. ويُرجَّح أن ينعكس إسناد وزارة الداخلية العراقية للعرب السنة، من بين سبع وزارات من المقرر أن يحصل عليها، تغييراً وشيكاً في ملف حقوق الإنسان والاعتقالات العشوائية والانتهاكات في السجون؛ فقد بقيت الوزارة طيلة السنوات الماضية تابعة للتحالف الوطني، وأسندت مهمتها إلى شخصيات تابعة لميليشيات مختلفة، شهدت خلالها انتشاراً للسجون السرية ولعمليات تعذيب وانتزاع اعترافات بالقوة، وسحب جنسية الشخصيات العربية السنية المعارضة، فضلاً عن إغلاق وسائل إعلام، وفصل قيادات أمنية بارزة على خلفيات طائفية والتستر على جرائم بعض الميليشيات.

ويبدو أن التحالف السني وجد في وزارة الداخلية، مكسباً مهماً للغاية، لا يقابله إلا منصب رئيس الوزراء، بسبب الصلاحيات الدستورية الممنوحة لوزير الداخلية.

وتشير التغييرات الجذرية والمفاجئة التي تجري في بغداد، إلى استعادة الأحزاب والكتل السنية قوتها، مستفيدة من التهديد الداخلي الذي يشكله تنظيم "داعش"، وخوفها من التقدم باتجاه بغداد، والضغط الأميركي الخارجي الذي قرن المساعدة بمشاركة العرب السنة.

وقال القيادي في التحالف الكردي، حمة أمين، إن "المرحلة الحالية تمثل فرصة ذهبية للعرب السنة للحصول على حقوقهم بشكل كلي"، مشيراً إلى أن "التحالف الشيعي بات مقتنعاً بأن قوة داعش يمكن كسرها في حال تحقيق مطالب السنة بشكل كامل، ويمكن كسب تعاطف العرب والغرب أيضاً من خلال هذا الباب، لذا سيحرص على تنفيذ جميع الشروط من دون الاكتراث بالخسائر الجانبية التي سيمنى بها".

من جهته، أكد القيادي السني في الحزب الإسلامي العراقي، خالد الدليمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "طيلة السنوات الماضية التي أعقبت الاحتلال، ونحن نوضع في غير مكاننا، وقررنا إما المشاركة بحسب حجمنا وثقلنا الحقيقي السكاني والسياسي، أو الذهاب بعيداً إلى خيارات أخرى".

وأضف "لقد حققنا مكاسب كبيرة حتى الآن، وما زلنا نعمل على تحقيق أخرى ويبدو أن الولايات المتحدة قررت أخيراً أن تتراجع عن سياستها، وتصحيح أخطائها السابقة بحق السنة الذين أثبتوا أنهم لاعب أساسي في العراق".

ولفت إلى أن "جميع الاتفاقات التي تم التوصل إليها، سيتم تصديقها في المحكمة الاتحادية لمنع انقلاب التحالف الوطني أو العبادي عنها في حال تغيرت الظروف".

تاريخ الاضافة: 02/09/2014
طباعة