موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || مشاورات لتشكيل تحالف دولي ضد "داعش"
اسم الخبر : مشاورات لتشكيل تحالف دولي ضد "داعش"


من مصادر متطابقة في أكثر من عاصمة عربية وعالمية، أن مشاورات رسمية وغير رسمية تجري بين قوى دولية واقليمية لتشكيل تحالف دولي كبير تقوده الولايات المتحدة للقضاء على الخطر المتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية (داعش).

وجاء كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الإثنين، دليلاً على وجود نوايا من هذا النوع، إذ حثّ الرجل الحكومات الغربية والعربية على "تجاوز ضغائنها إزاء الرئيس السوري بشار الأسد والعمل معه للتصدي لمقاتلي الدولة الإسلامية". وقال لافروف "سيتعين عليهم قريباً أن يختاروا أيهما أهم: تغيير النظام (السوري) لإرضاء ضغائن شخصية مجازفين بتدهور الوضع وخروجه عن أي سيطرة، أو إيجاد سبل عملية لتوحيد الجهود في مواجهة الخطر المشترك".

وليس من المعروف حتى الآن ما إذا كان التحالف الدولي المطروح للنقاش يراد له أن يكون قريب الشبه بالتحالف الثلاثيني الذي تشكل لتحرير الكويت في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب أو أن يكون على نمط ما حاول تشكيله جورج بوش الابن لإطاحة صدام حسين قبل أن تنفرد الولايات المتحدة بالعمل العسكري في الغزو الثاني للعراق.

وتبدو الجهود المبذولة في هذا السياق، أقرب إلى ما شهده العالم عقب التحالف الدولي الذي وُلد غداة هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ووفقاً لما ذكره مصدر دبلوماسي عربي في واشنطن لـ"العربي الجديد"، لم يرغب في الكشف عن اسمه، فإن العقبة المحتملة أمام نجاح هذا التحالف هو نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ليس لأنه يرفض أن يكون جزءاً من هذا التحالف، بل على العكس، لأنه أبدى حماسة كبيرة للانخراط فيه، رغم ما قد يترتب عليه من ضربات عسكرية جوية وربما برية لأهداف داخل الأراضي السورية.

وقال المصدر إن الولايات المتحدة تعول في الأساس على دول مجلس التعاون الخليجي لتكون العصب الإقليمي لهذا التحالف. ولكن المسؤولين الأميركيين الذين أطلقوا نقاشات أولية غير رسمية في واشنطن مع بعض السفراء العرب والأوروبيين، بدوا وكأنهم مندهشون من إشارات أرسلها نظام الأسد عن استعداده للانخراط في أي عمل جماعي ضد داعش.

ورفضت المصادر الأميركية في حديثها لـ"العربي الجديد"، تأكيد أو نفي مشاركة مسؤولين أميركيين في مشاورات من هذا القبيل، غير أن مصدراً واسع الاطلاع من داخل القيادة المركزية في تامبا، أكد وجود نقاشات أميركية داخلية تتعلق بالسبل الكفيلة دولياً لمواجهة داعش، مشيراً إلى أن فكرة التحالف الدولي ترددت في سياق النقاش الداخلي، ولكن لا علم له إن كانت فكرة كهذه قد نوقشت مع سياسيين يمثلون دولاً أجنبية من عدمه.
واستبعد المسؤول أن يكون التحالف المراد تشكيله في حال النجاح في ذلك، شبيهاً بالتحالف الذي قاد لتحرير الكويت قائلاً "إن كانت مثل هذه المداولات تجري مع أصدقاء وراء البحار، فالغرض منها في اعتقادي هو إعفاء الولايات المتحدة من إعادة إرسال وحدات برية مقاتلة إلى العراق أو سورية، والاستعاضة عن ذلك بإيجاد بدائل محلية لقتال داعش، بالتنسيق مع المستشارين العسكريين الأميركيين".

ويتوافق هذا الطرح مع توجه الرئيس الأميركي باراك أوباما نحو الانكفاء الداخلي، وتفضيله التعاون مع أنظمة أو أطراف خارجية تخوض الحرب بالوكالة عن الولايات المتحدة، كما يتوافق ذلك مع ما يجري حالياً في شمال العراق من دعم وتوجيه معلوماتي وتوفير غطاء جوي لقوات البيشمركة الكردية.

وكان نائب رئيس الأركان الأميركي الأسبق الجنرال جاك كين، قد دعا خلال حوار تلفزيوني يوم الأحد، توسيع التجربة الأميركية الناجحة مع البيشمركة، بالاستفادة من ميليشيات مقاتلة أخرى في العراق وسورية من الشيعة العرب والسنة العرب. وبرأيه، فإن هذا التحرك من المناسب تكليف الجيش السوري الحر به، شرط دعمه وتسليحه جيداً.

في المقابل، لم يشر الخبير العسكري الأميركي إلى إمكانية التعاون مع جيش الأسد. أما في العراق، فقد رأى كين أن البيشمركة تقوم بدور "جيد"، ولفت إلى أن هناك ضرورة لإشراك وتفعيل الجيش العراقي في أي مواجهات برية مستقبلية إلى جانب العشائر السنية والميليشيات الشيعية لأداء مهمات دفاعية عن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة العراقية، وتنفيذ خطط هجومية لاستعادة الأراضي التي استولت عليها قوات داعش على جانبي نهر الفرات.

وفي ما يتعلق بدول الخليج العربي فإن معظم الاقتراحات الأميركية التي تطرقت إلى دور تلك الدول ركزت على الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والمعلوماتية ولم تظهر أي مطالب بإشراك دول الخليج عسكرياً في الحرب الدائرة على داعش. ولم يتسن لـ"العربي الجديد" الحصول على تعليق فوري أو تفاصيل إضافية من مسؤولي الخارجية الأميركية عن طبيعة التحالف المقترح، غير أن الدبلوماسي العربي الذي وافق على الحديث لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم إيراد ما يدل على هويته، أو الدولة التي يمثلها، قال إن عواصم عربية وأوروبية أبدت معارضة قوية لإشراك النظام السوري في أي جهود اقليمية أو دولية تحت أي لافتة.
وأضاف أن سبب الرفض على ما يبدو هو عدم الرغبة في إضفاء نوع من الشرعية الدولية على "مَن يقتل شعبه". أما عن الولايات المتحدة، فقال المصدر إنه "لم يتبين موقفها حتى الآن من إشراك النظام السوري من عدمه، غير أننا لمسنا خلال لقاءات غير الرسمية وجود تباين بين آراء الذين يرتدون البزات العسكرية، بالمقارنة مع المسؤولين السياسيين". وتابع موضحاً أن "العسكريين يريدون أن يأمنوا شر الأسد بإشراكه في التحالف في حين أن المسؤولين الأميركيين المدنيين، حتى أولئك الذين في وزارة الدفاع، لا يبدون حماسة لأي نوع من التعاون مع النظام السوري".

وفي وقت سابق، قال مسؤول أمني أميركي لـ"العربي الجديد"، إن النظام السوري معروف لدى الوكالات الاستخبارية الأميركية المتعددة بقدرته على التضليل واستغلال عمليات تبادل المعلومات في خداع الشركاء، لكنه كان يتحدث عن فترات ماضية وليس عن تعاون محتمل ضد داعش في إطار حلف جديد. وبعيداً عما يدور خلف الكواليس، فإن النقاش الدائر في الإعلام الأميركي، أصبح فيه موضوع الخطر المحدف من داعش، محل إجماع تقريباً، في حين تعددت الآراء حول سبل مواجهة هذا الخطر.

وفي بادرة لافتة من صحيفة "نيويورك تايمز" قوية الصلة ببعض مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة، كرست الصحيفة افتتاحيتها، أمس الاثنين، للدعوة إلى "جهد جماعي في مواجهة داعش"، قائلة إن الولايات المتحدة "وحدها لا تستطيع أن تحارب داعش في العراق وسورية". وأضافت الصحيفة أن الضربات الجوية الأميركية ساعدت بعض الأقليات في العراق على تنفس الصعداء، ولكن إلحاق الهزيمة بداعش أو على الأقل تحجيم خطره "يتطلب جهداً منظّماً طويل المدى على هيئة تحالف دولي واسع تشارك فيه دول إسلامية، على ألا يقتصر هذا التحالف على مواجهة التهديد العسكري فقط، بل أيضاً مخاطبة التحديات السياسية والدينية وغيرها".
تاريخ الاضافة: 26/08/2014
طباعة