موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || حرب عرسال: جنبلاط يمهّد طريق قهوجي إلى الرئاسة
اسم الخبر : حرب عرسال: جنبلاط يمهّد طريق قهوجي إلى الرئاسة


بدماء الضحايا المدنيين والعسكريين في عرسال، تجري صياغة مشروع "إنقاذي" للأزمة السياسية في لبنان. "الحرب على الإرهاب" في البقاع (شرقي لبنان) قائمة ومستمرة لإبعاد شبح الإمارة الإسلامية وخطر التطرف والتقسيم الذي سبق أن حلّ في كل من سورية والعراق.

وقف السياسيون اللبنانيون صفاً واحداً وراء قائد الجيش، جان قهوجي، في هذه المعركة. اجتمعت الكتل الوزارية، ومن خلفها النيابية، برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، وأصدرت تأييدها للعملية العسكرية. بات الجميع يتمسّك بقهوجي والمؤسسة العسكرية، كـ"منقذ للوطن ووحدة أبنائه وأراضيه". أصبح قهوجي "رمزاً للجمهورية" في الوقت حاضر، ليبدأ العمل الجدي على تكريسه في هذه الصورة، في رئاسة الجمهورية اللبنانية.

الحركة السياسية الحثيثة تدلّ على ذلك. يحمل رئيس "جبهة النضال الوطني"، النائب وليد جنبلاط، هذا المشروع على كاهله، ولو مكرهاً. هو يعارض وصول رجل عسكري إلى الرئاسة، إلا أنّ الخيارات "شبه معدومة".

يشعر زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي بقلق شديد مما يحصل في المنطقة، فقد دفعه "داعش" إلى زيارة الضاحية الجنوبية لبيروت، للقاء الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، وكذلك الرابية للاجتماع برئيس تكتل الاصلاح والتغيير، ميشال عون. صالح نصرالله، وعدّل في خطابه لناحية الجزء المتعلّق بالثورة السورية. وجد جنبلاط نفسه مضطراً إلى تبرير مشاركة حزب الله في الحرب في سورية، فأعلن ذلك على الملأ يوم السبت.

تغيّر المعطيات

يفسّر مسؤولو الحزب الاشتراكي التحول الجنبلاطي الأخير على الشكل الآتي: "بات الصراع مع تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" وغيرها من الفصائل المتشددة صراع وجود". جنبلاط خائف على نفسه وعلى طائفته. بالنسبة إلى المقربين من جنبلاط، الزمن "لم يعد زمن عمل تنسيقيات المعارضة السورية ولا الجيش الحرّ والمجلس الوطني". تغيّرت المعادلة وكذلك المعطيات في سورية والعراق وفي غزة. وأمام هذا الواقع، لم يعد الرجل يبحث عن إسقاط أنظمة ولا عن تغيير واقع ميداني، يريد فقط المحافظة على الحدّ الأدنى مما هو قائم، أو مما كان قائماً".

فعّل جنبلاط حركته السياسية في الأيام الماضية بين بيروت وجبل لبنان. ونتيجة بعض اللقاءات السابقة والحالية، وجد أنّ جميع الأقطاب يشاركونه القلق والخوف نفسهما. يتمدّد هذا الشعور في الضاحية وعين التينة (مقرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري) والرابية (عون) وكذلك هي الأجواء الآتية من باريس حيث رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.

يشعر جنبلاط بضرورة تقريب وجهات النظر، ووضع الجميع أمام مسؤوليتهم في "التكاتف في معركة الوجود ضد الإرهاب". يحمل مبادرة سياسية سيطرحها على الجميع، تحديداً القوى المسيحية لملء الفراغ الرئاسي، ليدعوهم فيها إلى الاستفادة من الالتفاف حول المؤسسة العسكرية لتغذية قائدها وترقيته إلى رئيس للجمهورية.

كانت اتصالاته الأولية إيجابية لهذه الناحية، إذ تلمّس موافقة مبدئية لكل من بري والحريري، ليبقى نقاش الأرقام الصعبة مع كل من ميشال عون ومن خلفه حزب الله. سبق لنصرالله التأكيد على أنّ القرار يعود للمرشح الرئاسي، أي عون نفسه في الموافقة على قهوجي من عدمها، والتسوية مع الأخير على وصول قهوجي للرئاسة قد تكون جاهزة مع تسليم صهره، قائد فوج المغاوير، شامل روكز (الذي يقود اليوم معركة عرسال)، قيادة الجيش، بالإضافة إلى منح فريق عون بعض التقديمات الإضافية في ملفي النفط والإدارات العامة.

هذا ما يجري التحضير له في الكواليس السياسية. لم تعد معركة عرسال تذكر اللبنانيين بمعارك نهر البارد (مايو/أيار حتى سبتمبر/أيلول 2007) في الشكل فقط، إنما في سياقها ومضمونها أيضاً. قبل سبع سنوات، نقلت حرب "البارد" ميشال سليمان من قيادة الجيش إلى رئاسة الجمهورية، أما اليوم، فنقل جان قهوجي من الموقع نفسه إلى الرئاسة الأولى جارٍ على قدم وساق.

تاريخ الاضافة: 06/08/2014
طباعة