موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || الجزائر: مافيا الإسمنت تضرب من جديد والدولة تتفرج على الأزمة
اسم الخبر : الجزائر: مافيا الإسمنت تضرب من جديد والدولة تتفرج على الأزمة


لم تكن مافيا المضاربة في مواد البناء لتفوت فرصة حلول فصل الصيف، الذي عادة ما يتوجه فيه المواطنون إلى ترميم بيوتهم أو الشروع في بناء سكناتهم الخاصة، ولم تكن لتفوت فرصة إعطاء إشارة الانطلاق لمشاريع عمومية ضخمة كالمسجد الأعظم وآلاف الوحدات السكنية، فعادت إلى ممارسة الطقوس التي تجيدها حد الإتقان، تخزين الإسمنت وخلق أزمة ندرة، ثم رفع الأسعار إلى مستويات قياسية كتلك التي تشهدها السوق هذه الأيام، عندما بلغ سعر كيس الإسمنت في بعض المناطق ألف دينار. وكما وقفت الدولة عاجزة أمام مافيا البطاطا والدواء والزيت والسكر، ها هي اليوم تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أزمة الإسمنت التي تهدد الكثير من المشاريع الإستراتيجية بالتوقف في أسوأ الحالات وبالتعطل في أحسنها.

المشاريع الكبرى توقف أشغال 90 بالمائة من المقاولات

المسجد الأعظم يلتهم 20 بالمائة من إنتاج مصنع الشلف

تم تخصيص 20 بالمائة من منتوج مصنع الإسمنت بالشلف لمشروع مسجد الجزائر الأعظم، وهو ما تسبب في خلق أزمة حادة في مادة الإسمنت، نتج عنها تعطيل أشغال ما لا يقل عن 90 بالمائة من مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

أبدى مئات المقاولين استياءهم من تأخر حصولهم على حصصهم من مادة الإسمنت في الوقت المحدد من مصنع الشلف، ما أدى إلى تعطيل مشاريعهم منذ قرابة أربعة أشهر.

وكشف هؤلاء أن الأزمة سببها استحواذ مشروع بناء مسجد الجزائر الأعظم على 20 بالمائة من إنتاج مصنع الشلف، الذي يعتبر إنتاجه من أحسن أنواع مادة الإسمنت وذات معايير عالية.

وأكد مجموعة من المقاولين الذين التقتهم ''الخبر''، على هامش انعقاد الجمعية العامة لاتحاد مقاولي البناء والعمران بالمدية، على أن الأزمة التي يشهدها السوق الجزائرية سببها بالدرجة الأولى تموين المشاريع الكبرى على غرار مشروع الطريق السيار شرق غرب وشمال جنوب ''المدية، الشفة'' والمشروع الجاري حاليا في ميترو الجزائر، كل ذلك على حساب المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي توقف معظمها عن العمل منذ 4 أشهر، لعدم حصولها على حصتها من الإسمنت في الوقت المحدد.

وفي هذا الصدد، حمل رئيس الاتحاد الوطني لمقاولي البناء والعمران، سليم قاسيمي، الحكومة مسؤولية أزمة الإسمنت التي يتخبط فيها المقاولون، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة شرعت في إنجاز مشاريع كبرى دون أن تفكر في كيفية تموينها بالمواد الأولية، الأمر الذي أدى، حسبه، إلى خلق أزمة حادة عادت على المقاولات الصغيرة والمتوسطة وتسببت في إفلاس عدد كبير منهم.

كما قال رئيس الاتحاد، من جهة أخرى، إن المصانع المنتجة لمادة الإسمنت والبالغ عددها 14 مصنعا، تنتج حاليا 14 مليون طن سنويا، غير أن احتياجات السوق الجزائرية تتجاوز ذلك بكثير، إذ تصل إلى 21 مليون طن، بالإضافة إلى المشاريع الكبرى التي سطرتها الدولة مؤخرا والتي هي بحاجة، حسب ذات المسؤول، إلى وحدات إضافية كي يتم تموينها. وعليه طالب ذات المتحدث بفتح مصانع أخرى لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

مافيا إخراج الإسمنت من المصانع

500 مليون مقابل رخصة

يعتبر الحصول على رخصة موزع أو تاجر تجزئة للإسمنت حلم العديد من التجار والمقاولين، الذين يتحول بعضهم، بمجرد حصولهم عليها، إلى مضاربين همّهم تحقيق الربح السريع الذي يدر عليهم ملايير الدينارات، على حساب المواطن البسيط.

كما يلجأ بعض التجار إلى شراء الرخص وأرقام التعرفة من مصانع الإسمنت بمبالغ تصل إلى 500 مليون سنتيم، بتواطؤ من بعض المسؤولين. وقد شهدت عملية إيداع ملفات الحصول على رخصة تاجر تجزئة وموزع للإسمنت، التي انطلقت مطلع هذا الشهر بمقر شركة الإسمنت الفرنسية ''لافارج'' بالعاصمة، فوضى عارمة بسبب توافد المئات من تجار التجزئة والموزعين من عدة ولايات، خاصة من المسيلة وبرج بوعريريج والجلفة، وبعض الولايات الأخرى، قصد إيداع ملفات الحصول على رخصة تاجر تجزئة أو رخصة موزع للإسمنت، ما أدى إلى حدوث مناوشات كلامية وصلت إلى حد التشابك بالأيدي، من أجل وضع الملف وترقب الحصول على الرخصة التي ستفتح أبواب الثـروة لأصحابها.

ويعمد تجار الجملة والتجزئة إلى إيجار مستودعات كبيرة لتخزين أكياس الإسمنت، وافتعال ندرة في الأسواق، خصوصا في الفترات التي تشهد انخفاضا في الإنتاج، بهدف رفع الأسعار، وهذا بعد اتفاق مسبق بينهم.

تاريخ الاضافة: 10/06/2012
طباعة