موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || مسائل للنساء (1) الحياء
اسم المقالة : مسائل للنساء (1) الحياء
كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر


مسائل للنســـــاء ( 1 )

الحمد لله الذي جعل
الحياء حلة جمال و حيلة كمال يُحترم في عيون الناس صاحبُه
و يزداد قدره و يٌعظُم جانبه فمن لبس ثوب الحياء
استوجب من الخلق الثناء ومالت إليه القلوب
و نال كل أمر محبوب

ومن قل حياؤه قل أحباؤه

وأصل وأسلم من كان الحياء له طبع وسجية وله هيبة عليا وكان مثل الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا.

إذا فما هو الحيــــــــــــــــــــــــاء
خُلُقٌ يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح ، فهو من صفات النفس المحمودة التي تستلزم الانصراف من القبائح وتركها ؛ وهو من أفضل صفات النفس وأجلها وهو من خلق الكرام وسمة أهل المرؤة والفضل والإنعام .

الحيــــــــــــــــــــــــاءُ

هو انقِباضُ النَّفْسِ عنِ القَبائِحِ وتَرْكُها، وهو شُعْبةٌ مِن شُعَبِ الإيمانِ، ولا يَأْتي إلَّا بخَيرٍ، كذا أخبَرَ النَّبيُّ العدنان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
عَنْ يَعْلَى بن أمية أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلَا إِزَارٍ، فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سَتِيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسِّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ) روى أبو داود ، والنسائي  ، وأحمد

استَدَلَّ بهذا الحديث طائفةٌ من أهل العلم على أن :

" الحيي " و " الستير " من الأسماء الحسنى .

وعن أبي سعيد الخدري وعمران بن حصين قالا :(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ) أخرجا في الصحيحين

وهذا الحَياءُ يكونُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما لم تُنتَهَكْ حُرُماتُ اللهِ، فإذا انتُهِكَتْ؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَغضَبُ، ويُرشِدُ أصْحابَه ويُعنِّفُهم، ويَفعَلُ ما مِن شأْنِه تَوْجيهُ المؤمِنينَ، وحَمْلُهم على شَريعةِ اللهِ تعالَى.

الحيـــــــــــــــــــــاء

صفة لله تعالى أثبتها لنفسه
و هو صفة الأنبياء و الملائكة

عن عَائِشَةَ، قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي ، كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ ، فَأَذِنَ لَهُ ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، فَتَحَدَّثَ ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ ، فَأَذِنَ لَهُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَتَحَدَّثَ ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَوَّى ثِيَابَهُ ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ ؟!
فَقَالَ: ( أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ ) ؟! " رواه مسلم

الحيـــــــأء من صفات الصالحات
قال تعالى : (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء)

فكان سبب حياءها أن تزوجت من نبي ورسول من أولى العزم وهو موسى عليه السلام.
ومن الحكم التي قيلت في شأن الحياء : (من كساه الحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه).
وقال الشاعر:
ورب قبيحة ما حال بيني ... وبين ركوبها إلا الحياء
لذلك فعندما نرى إنساناً لا يكترث ولا يبالي فيما يبدر منه من مظهره أو قوله أو حركاته يكون سبب ذلك قلة حيائه وضعف إيمانه كما جاء في الحديث :
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 وقد قال الشاعر :
إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً ... تقلب في الأمور كما يشاء
فمالك في معاتبة الذي لا ... حياء لوجهه إلا العنـــــــــاء
قال أبو حاتم :

إن المرء إذا إشتد حياؤه صان ودفن مساوئه ونَشر محاسنه .
والحياء من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها الإسلام وأقرها ورغب فيها .
وقد جاء في الصحيحين عن رواية لأبي هريرة قول النبي  :(الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ)
وفي الحديث الذي رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين :
(إِنَّ الْحَيَاءَ وَالإِيمَانَ قُرِنَا جَمِيعًا ، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ).
والسر في كون الحياء من الإيمان :
لأن كل منهما داع إلى الخير مُقرب منه صارف عن الشر مُبعد عنه ،
فالإيمان: يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات ؛
والحياء: يمنع صاحبه من التفريط في حق الرب والتقصير في شكره . ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو قوله اتقاء الذم والملامة .
فالحياء ملازم للعبد لأنه جزء من عقيدته وإيمانه ومن هنا كان الحياء خيراً ولا يأتي إلا بالخير،
كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم  :
(الحياء لا يأتي إلا بخير  ) وفي رواية (الحياء خير كله)

سبحان الله..
أين هذه الحياء الأن بين نساء هذا الزمان تجد الأن المرأة تخرج كاشفة عن وجهها وبدنها ومبدية زينتها كأنها في ليلة عرسها ، وهي تضع مساحيق التقبيح وتتشبه بالكافرات ولا تستحي من رب الأرض والسموات
 لا يا أختاه والله لم يرضى الله لك هذا بل يريدك ساتره حافظه غالية عفيفة. فالمرأة التي تفقد حياءها وإيمانها فما أعظم خسارتها وما أسوأ عاقبها.

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا) رواه مسلم

وصدق الشاعر حين قال :
فتاة اليوم ضيعت الصوابـــــــا ... وألقت عن مفاتنها الحجابـــــــا
و لم تأبه حياءٌ مـــــــن رقيب ... ولم تخشى من الله الحســـابا
بربك هل ســألت العقل يوماً ... أهذا طبع من رام الصوابـــــــــا
أهذا طبع طالبة لعلـــــــــــم ... إلى الإسلام تنتسب إنتسابـــاً
ما كان التقدم صبغ وجــــــه ... وما كان السفور إليه بابـــــــــــاً
شباب اليوم يا أختي ذئــاب ... وطبع الحمل أن يخشى الذئاب
والحياء عند المرأه :

هو أجمل شيء فيها و هو الذي يزينها ويحليها في أعين الناظرين
و هو الذي يكسبها احترام الآخرين
فالحيــــــــــــاء: 

إذاَ خُلق يجمل كل فرد وكل إنسان ، ولكنه في حق المرأة آكد وأكثر التصاقا .
والمرأة بدون حياء لا خير فيها  ولابد أن يظهر هذا الحياء على كل تصرفات المرأة المسلمة :في لباسها وحجابها . في مشيتهافي كلامها وخطابها لمن تتكلم معه،  في جميع ما يصدر منها .
والحياء أنواع :

الحياء من الله: يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي
 الحياء من الملائكة: وذلك بالبعد عن المعاصي والقبائح وإكرامهم عن مجالس الخنا وأقوال السوء والأفعال المذمومة المستقبحة ؛
 الحياء من الناس: وهذا النوع من الحياء هو أساس مكارم الأخلاق ومنبع كل فضيلة لأنه يترتب عليه القول الطيب والفعل الحسن والعفة والنزاهة .
 الحياء من النفس: وهو حياء النفوس العزيزة من أن ترضى لنفسها بالنقص أو تقنع بالدون .ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحسن السريرة

 .فيجد العبد المؤمن نفسهٌ تستحي من نفسهٍ حتى كأن له نفسان تستحي إحداهما من الأخرى وهذا أكمل ما يكون من الحياء .
فإن استحى العبد من نفسه فالحياء من غيره أجدر .
و الله ولي التوفيق

واخيرا

نسأل الله عز وجل في علياءه أن يجعلنا وإياكم

من أهل الحياء وأن يرزقنا الجنان في ظل الرحمن مع الحبيب العدنا صلى الله عليه وسلم

واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

تاريخ الاضافة: 24/09/2010
طباعة