موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || تونس: راشد الغنوشي حياد الدولة عن الدين مسألة فيها قدر كبير من المغامرة
اسم الخبر : تونس: راشد الغنوشي حياد الدولة عن الدين مسألة فيها قدر كبير من المغامرة


اعتبر الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة أنّ "مسألة حياد الدولة عن الدين أو الدين عن السياسة مسألة فيها قدر من المغامرة وقد تضر بالاثنين أي الدين والدولة" حيث بيّن أن "تحرير الدولة من الدين نوع من تحويل الدولة إلى عدد من المافيات مثلما حدث في بعض الدول الأوروبية" مؤكدا أنّ "حاجة الناس إلى الدين حاجة عميقة لاعتبار أهمية القيم والأخلاق في حياتهم ".

كما ذكر الغنوشي في محاضرته الفكرية والتاريخية أن "تحرر الدين من الدولة قد يكتسي خطرا، فالدين قد يخرج إلى جملة من الإنفلاتات قد تضر بالمجتمعات" متسائلا كيف السبيل إلى "تحقيق معادلة في هذا السياق؟" فجاءت إجابته بالتأكيد على "ضرورة التمييز بين ما هو ديني وما هو سياسي أي الحاجة إلى فهم المصطلحات".

العلمانية حل اجرائي

وقال الغنوشي خلال محاضرته أنّه "لا معنى لتدين يقوم على الإكراه" وبالتالي فإنّ "الأمة الإسلامية لا تحتاج إلى منافقين، ذلك "أن الحرية هي القيمة الأساسية للاسلام الذي هو دين شعب وليس دين نخبة وليس دين حزب أو آخر" وأضاف أن "تدين الناس وما في قلوبهم هو شأن إلاهي وبالتالي فان الناس يحتاجون إلى مؤسسات وبرامج ثقافية وتربوية تنشئ مجتمعا متوازنا".

وقد بين الأستاذ راشد الغنوشي في بداية محاضرته "أن موضوع العلمانية وعلاقة الدين بالدولة موضوع إشكالي يتناول العلاقة بين الإسلام والعلمانية هل هي علاقة تقارب أم تمازج أم تنافر وتباعد" وقد أرجع أسباب هذه الإشكالية إلى القدر الكبير من الغموض الذي يشوب الكثير من المفاهيم المتعلقة بمصطلح العلمانية ومصطلح الإسلام، فالتيارات العلمانية متعددة بين معتدلة ومتشددة ومتطرفة وكذلك الشأن بالنسبة للتيارات الإسلامية المتراوحة بين التشدد والاعتدال والتطرف.

واوضح الغنوشي "تبدو العلمانية وكأنها فلسفة جاءت لمناقضة التصورات الدينية والأمر ليس بهذه الصفة الذي طرحت فيه، فالعلمانية ظهرت في الغرب وتطورت كحلول واجراءات لإشكالات طرحت في الوسط الأوروبي في إطار الكنائس في الدولة البروتسانتينية بين الكنيسة والدولة وفجرت حروبا أهلية. فجاءت لإعادة الإجماع الذي مزقته الصراعات الدينية" وأضاف أنّ "أهم هذه الإجراءات حيادية الدولة ومجالها العام والدين مجالها الخاص".

لا إكراه في الدين

وقد طرح الغنوشي تساؤلات عدة من بينها "هل نحن في تونس نحتاج إلى هذا الطرح؟" و" هل الإسلام في حاجة إلى هذا الإجراء؟ " قبل ان يجيب أنّ "الإسلام منذ نشأ جمع بين الدين والدولة وبين الدين والسياسة أي أنه له معنى حضاريا نقل الناس من البادية إلى التحضر، فالإسلام دين حضارة ولا يتناقض مع المدنية" حيث بيّن "ليست مهمة الدين أن يحدد خبرات في مجال الصناعة والزراعة والإدارة وغيرها فمهمة الدين أن يجيبنا عن القضايا الكبرى عن حياتنا عن قيمنا عن أصل الحياة ومصيرنا".

كما أكّد أنّ "الإسلام لم يعرف هذه الحيادية أو إقصاء الدين عن الحياة المدنية مع ضرورة إبقاء "التمايز واضحا بين الديني والسياسي أي بين نظام المعاملات ونظام العبادات، فالمقصد من الدين تحقيق العدل بإعمال العقل في ضوء توجيهات الدين".

وقد تمحورت المداخلات حول إشكالية تشتت الحوار وضياع المفاهيم والمصطلحات وسط الجدال والتجاذبات السياسية والإيديولوجية، مما جعل عضهم ينادي بضرورة أن يخرج هذا الحوار من مستوى النخبة إلى مستوى بقية المواطنين لكثرة الجدل والصراعات.

السلفيون أبناؤنا"

وتساءل المتدخلون حول ما اذا كان الذي ورد على لسان الأستاذ راشد الغنوشي بشأن علاقة الدين بالدولة ومسألة العلمانية ملزم لحركة النهضة ككل أم هو خطابه وفكره الشخصي باعتبار أن الكثير من الإختلافات تسود حوار وخطاب بعض قيادات الحركة إضافة إلى أن شبابها يظهرون عكس ما صرح به رئيسهم، فكان ردّ الغنوشي أن كلامه لا يختلف ولا يتعارض مع توجهات الحركة.

كما تساءل الحضور عن علاقة السلفيين بالنهضة وما صدر عنهم من تصرفات وتصريحات بما في ذلك مسألة تفشي ظاهرة التكفير فأكد الغنوشي "كل مجتمع ديكتاتوري يفرز إشكاليات وثمرات فاسدة ولكن السلفيين أبناؤنا وهم ثمرة نظام ديكتاتوري كما كان الاتجاه الإسلامي ثمرة نظام بورقيبة الاستبدادي فلابد بالتالي من الحوار معهم واحتضانهم للخروج من هذا التضارب"

وقد جاء في كلمة رضوان المصمودي رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية، الافتتاحية، أنّ "نجاح الثورة سيمثل امتحانا تاريخيا سيحدد ليس فقط مصير بلادنا وإنما مصير كلّ المنطقة العربية، وكل الأنظار منصبة على تونس التي يُنتظر منها تحقيق العدالة والكرامة والتنمية الشاملة".

ويشهد هذا اللقاء حضور عدة شخصيات وطنية وحقوقيين من بينهم السيد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي ومحمد العزيز بن عاشور المدير العام للالكسو والأستاذ صلاح الدين الجورشي والحقوقية بشرى بالحاج حميدة إلى جانب ممثلين عن بعض الأحزاب أمثال عبد الوهاب الهاني ومحمد البوصيري بوعبدلي وياسين ابراهيم وغيرهم.

تاريخ الاضافة: 04/03/2012
طباعة