موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || مقتل الحاج مالك شباز ـ شهيد الحق
اسم القصة : مقتل الحاج مالك شباز ـ شهيد الحق
كاتب القصة : منقول

المكان / نيويورك ـ الولايات المتحدة.


الموضوع / مقتل الداعية الإسلامي مالك شباز أثناء إلقاءه محاضرة عن الإسلام.


الأحداث /


هذه قصة رجل لا يعرفه كثير من المسلمين رغم أن الله عز ووجل قد حفظ دعوة الإسلام ببلد متسع الأرجاء كثيف السكان مثل أمريكا وصحح هذا الرجل مسار الحركة الإسلامية التي انحرفت بقوة عن الحق ودعا إلى عقيدة أهل السنة والجماعة، وصبر على الصدود والإعراض والإيذاء حتى كانت نهايته كما تمنى شهيد كلماته ودعوته للحق.
ظهرت في أوائل القرن الهجري السابع عشر حركة بين السود في أمريكا تبنت الإسلام بمفاهيم خاصة غلبت عليها الروح العنصرية عرفت باسم أمة الإسلام، وذلك على يد رجل أسود غامض الأصل اسمه والاس دفارد ظهر فجأة في ولاية ديترويت سنة 1345 هـ داعيًا إلى مذهبه بين السود وقد اختفى بصورة غامضة بعد ذلك بأربع سنوات، فحمل لواء الدعوة بعده رجل اسمه اليجا محمد وصار رئيسًا لأمة الإسلام.
وكانت هذه الحركة تدعو إلى تفوق الجنس الأسود وسيادته على الأبيض ووصف البيض بأنهم شياطين وأن الملاك أسود والشيطان أبيض، وكانت عقيدة هذه الجماعة منحرفة باطلة أشبه بالحركات الباطنية فلقد أعلن زعيم الحركة وإليجا محمد بأنه رسول الله ! وإن الإله ليس شيئًا غيبيًا بل يجب أن يكون متجسدًا في شخص وهذه الشخص هو [فارد] الذي حل فيه الإله وهو جدير بالدعاء والعبادة لذلك فالصلاة عندهم عبارة عن قراءة الفاتحة مع دعاء مأثور والتوجه نحو مكة واستحضار صورة فارد في الأذهان، ولا يؤمن اليجا محمد إلا بما يخضع للحس لذلك فهو لا يؤمن بالملائكة والغيبيات والبعث عنده عقليًا للسود الأمريكيين فقط، والصوم عندهم في شهر ديسمبر من كل عام مع إلزام كل عضو بالحركة أن يدفع عُشر دخله لصالح الحركة، ونستطيع أن نقول أن هذه الحركة كانت تنظر للإسلام على أنه إرث روحي سوف ينقذ السود من سيطرة البيض عليهم.
أما صاحبنا الذي نتحدث عنه في صفحتنا هذه فهو مالكوم إكس أو مالك شباز الذي ولد بمدينة ديترويت سنة 1340 هـ لعائلة كبيرة وعائل فقير لم يلبث أن قتل صريعًا للعنصرية البغيضة على يد عصابة للغاية على يد البيض فنشأ مالكوم في هذه البيئة القائمة فشحن الفتى من صغره كرهًا وبغضًا على البيض وكل ما هو أبيض وطرد مالكوم من مدرسته وهو في السادة عشر من عمره رغم ذكائه الحاد وفهمه القوي، وذلك لكثرة غيابه وجرائمه داخل المدرسة فانتقل من مدينته إلى نيويورك حيث عاش حياة اللهو والفاسد والجريمة التي انتهت به إلى السجن قبل أن يبلغ العشرين من عمره وكان دخوله السجن نقطة تحول في حياته.
التقى مالكوم في السجن بزميل له اسمه [بمبي] حثه على التفكير والنظر في الأشياء والقراءة فأثر في مالكوم بشدة ثم انتقل مالكوم بعدها لسجن آخر أكثر هدوءًا وفي تلك الأثناء جاءته رسالة من أخيه يدعوه للدخول في الإسلام والانضمام لجماعة أمة الإسلام فأعلن مالكون دخوله في الإسلام وأقبل على قراءة الكتب خاصة التاريخية والاجتماعية حتى أنه كان يقضي خمس عشر ساعة متصلة في القراءة حتى أتى على كتب كبار لم يتوفر لغيره قراءتها وحصل كمًا جيدًا من المعلومات، ودخل في مناظرات في السجن مع القسس والنصارى أكسبته جلدًا وحنكة وخبرة في مخاطبة الناس وإقناعهم.
بعد أن خرج مالك من السجن قابل إليجا محمد زعيم حركة أمة الإسلام الذي توسم فيه الثورية والكره الشديد للبيض والقدرة الإقناعية العالية فضمه إلى مجلس إدارة الحركة وجعله وزيرًا [أي إمامًا] لمعبد رقم 7 بنيويورك فأبدى مالك كفاءة هائلة في الدعوة للحركة ومخاطبة الناس وزار الجامعات والحدائق والسجون، وأماكن التجمعات لدعوة الناس للإسلام، وأثر بحلاوة كلامه في الكثيرين فأسلموا على يديه، ومن هؤلاء الملاكم العالمي محمد علي كلاي، وفتحت له قنوات التلفاز أبوابها يعقد مناظرات على الهواء ويدعو لحركته.
بدأ مالك في طور جديد من حياته عندما قرأ كتابًا في تعاليم الإسلام وعن فريضة الحج فقدر أن يقوم بالحج وذلك سنة 1379 هـ ، وبالفعل ذهب لمكة المكرمة ، وقضى بها اثنى عشر يومًا وهاله ما رآه هناك من مسلمين بيض وسود كلهم على قلب رجل واحد وبينهم مساواة ومحبة وود وتعلم الصلاة الصحيحة التي كان يجهلها تمامًا، وفي زيارته قابل العديد من العلماء بالسعودية حتى أنه قابل الملك فيصل رحمه الله الذي قال له [أن حركة أمة الإسلام بها الكثير من الأخطاء التي تتعارض مع الإسلام] وقابل عبد الرحمن عزام، ودخل مصر والسودان والحجاز والتقى مع علمائها وقابل شيخ الأزهر ومفتي مصر حسنين مخلوف رحمه الله، وكانت الزيارة بمثابة حياة جديدة ، وبحث جديد له، فأعلن إسلامه من جديد وعاد لأمريكا ليبدأ مرحلة جديدة وخطيرة من حياته.
عاد مالك شباز لأمريكا سنة 1380 هـ وأعلن براءته من مبادئ حركة أمة الإسلام العنصرية وحاول إقناع زعيمها إليجا محمد بأخطائه ودعاه لزيارة الكعبة ولكن إليجا محمد غضب بشدة واعتبره منشقًا عن الحركة وطرده منها فشكل مالك جماعة جديدة سماها [جماعة أهل السنة] وبدأ يدعو للدين الحق بصورته الصحيحة، وكذلك والده وانضم لمالك شباز وبنفس الحماس السابق المعهود عنه أخذ مالك في دعوة المسلمين السود وغيرهم للدين الحق وكثر أتباعه خاصة من السود.
لم تعجب هذه الأفعال زعيم أمة الإسلام إليجا محمد فهدد مالك شباز وأمره أن يكف عن دعوته الحقة وشن عليه حملة إعلامية شديدة لصد الناس عنه ولم تكن هذه الأمور والتهديدات تزيد مالكًا إلا إصرارًا ومواصلة للدعوة بين الناس وأخذت الصحف الأمريكية في شن حرب ضده ووصفه بأنه يريد أن يدمر أمريكا ويثير ثورة بين السود والعجيب أن مالك شباز عندما كان يدعو لدعوة منحرفة عنصرية مجدته الصحف وفتح التلفاز له أبوابه، وعندما بدأ يدعو للدين الحق والسنة الصحيحة هاجموه وحاربوه مما يوضح أن هذه الدعوة والحركة العنصرية كانت تتلقى دعمًا من جهات معنية ترغب في نشر هذه المفاهيم الخاطئة عن الإسلام بين الأمريكيين.
ظل مالك شباز يدعو لدين الإسلام الصحيح غير عابئ بتهديدات إليجا محمد وغيره من زعماء أمة الإسلام حتى كان يوم 18 شوال سنة 1381 هـ عندما دُعي مالك شباز لإلقاء محاضرة بجامعة نيويورك وعندما صعد المنصة وأخذ يدعو للإسلام وحدثت مشاجرة مفتعلة في وسط القاعة فالتفت إليها الحاضرون وفي غفلة من الناس انطلقت ثماني عشر رصاصة غادرة من ثلاث رجال جالسين بالصف الأول لتستقر في جسد هذا الداعية الصادق مالك شباز ليلقى مصرعه على الفور وهو في الأربعين من عمره، وتم القبض على القتلة الذي اتضح بعد ذلك أنهم من رجال حركة أمة الإسلام، ولكنهم أنكروا أن يكونوا قد تلقوا أوامر من إليجا محمد بقتل مالك شباز وإنما فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم فلم يدان إليجا محمد بشيء.
كانت وفاة مالك شباز نقطة تحول في سير حركة أمة الإسلام حيث تركها الكثيرون والتحقوا بجماعة أهل السنة وعرفوا دينهم الحق، وتغيرت كثير من أفكار جماعة أمة الإسلام خاصة بعد رحيل إليجا محمد وتولية والاس محمد الذي تسمى بوارث الدين محمد فصحح أفكار الجماعة وغير اسمها إلى [البلاليين] نسبة إلى بلال بن رباح رضي الله عنه، وجعل المسلمين أقرب ما يكونوا لصواب وكان كل ذلك صدى لأفكار ودعوة الداعية الصادق مالك شباز الذي خر صريعًا للدعوة لدين الله.
الجدير بالذكر أن أمريكا التي ما تفتأ تحارب الإسلام والمسلمين بشتى صور المحاربة أنتجت فيلمًا يحكي قصة حياة المسلم مالك شباز وكيف كان مقتله وصور هذا الفيلم المسلمين في صورة متخلفة وسيئة يقتلون بعضهم بعضًا وأوردوا في هذا الفيلم أحاديث مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم يضحك من يسمعها من الحاضرين ولا حول ولا قوة إلا بالله.

تاريخ الاضافة: 25/10/2011
طباعة