بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
رمضان في غزة جوع ودموع وحرمان من العبادة ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من يزعم ان الجنة يدخلها غير المسلمين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     أبشروا جاءكم شهر رمضان ... وكيف نستقبله؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك .. فكيف بأمة الإسلام؟! ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل من عليه قضاء رمضان يقضيه في شعبان ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رفع الإشكال في حديث " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا " . ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     حكم تخصيص النصف من شعبان بصيام او قيام ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     يا أهل غزة لا تحزنوا إن الله معكم ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     
:جديد الموقع:
 

Duplicate entry '1711664297' for key 'PRIMARY'
موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || الاهتــداء في الوقـــــف والإبتــــــداء
::: عرض المقالة : الاهتــداء في الوقـــــف والإبتــــــداء :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> قســـم المقــالات >> القرأن الكريم وعلومه

اسم المقالة: الاهتــداء في الوقـــــف والإبتــــــداء
كاتب المقالة: الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ الاضافة: 07/10/2010
الزوار: 3770

الاهتــداء في الوقـــــف والإبتــــــداء

لما لم يكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد ، ولم يجز التنفس بين كلمتين حالة الوصل بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة وجب حينئذ اختيار وقف للتنفس والاستراحة وتعين ارتضاء ابتداء بعد التنفس والاستراحة . وتحتم أن لا يكون ذلك مما يخل بالمعنى ولا يخل بالفهم إذ بذلك يظهر الإعجاز ويحصل القصد ، ولذا حض الأئمة على تعلمه ومعرفته .
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف .
وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : لقد عشنا برهة من دهرنا وغن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي فيتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها.
ففي كلام علي رضي الله عنه دليل قاطع على وجوب تعلمه ومعرفته، وفي كلام ابن عمر برهان ساطع على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.
وصح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل المدينة ومن أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع بن ابي نعيم، وأبي عمرو بن العلاء، ويعقوب الحضرمي، وعاصم بن أبي النجود وغيرهم من الأئمة.
وكلامهم في ذلك معروف، ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب، ومن هنا اشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز أن لا يجيز أحداً إلا بعد معرفته الوقف والابتداء.
وكان أئمتنا يوقفوننا عند كل حرف ويشيرون إلينا بالأصابع سنة أخذوها كذلك عن شيوخهم الأولين. رحمة الله عليهم أجمعين.
وصح عندنا عن الشعبي وهو من أئمة التابعين علماً وفقهاً ومقتدى أنه قال : إذا قرأت : "كل من عليها فان" فلا تسكت حتى تقرأ "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" .
وقال الهذلي في كتابه "الكامل" الوقف حلية التلاوة، وزينة القارئ، وبلاغ التالي، وفهم المستمع، وفخر العالم، وبه يعرف الفرق بين المعنيين المختلفين، والنقيضين المتنافيين، والحكمين المتغايرين.
ومما تقدم يتضح لنا أن الوقف والابتداء كان محل عناية رسول الله وصحابته الكرام وتابعيهم وكذلك أئمة القراءات لما يترتب عليه رسماً نحو: "أينما يوجهه.. بخلاف السكت والقطع كما سنبينه بعد:
أقسام الوقف

اعلم أن الوقف ينقسم ابتداء إلى أربعة أقسام وتسمى بالأقسام العامة.
الأول : الاضطراري: وهو ما يعرض للقارئ بسبب ضيق النفس ونحوه كالعجز أو النسيان، فحينئذ يقف على أي كلمة شاء، ولكن يجب الابتداء بالكلمة الموقوف عليها إن صلح الابتداء بها.
الثاني : الانتظاري: وهو أن يقف القارئ على كلمة ليعطف عليها غيرها عند جمعه لاختلاف القراءات والروايات.
الثالث : الاختباري : بالباء الموحدة، وله فوائد كثيرة ومعان جمة كلما كان القارئ متمكناً من معرفة الوقوف. ولأهميته. فقد افرده بعضهم بالتأليف كالإمام محمد بن الجزري في كتابه "الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء".
وكابن هشام في كتابه: "التمهيد في الوقف والابتداء"
والوقف: لغة: الكف والحبس، يقال: وقفت الدابة وأوقفتها إذا حبستها عن المشي.
واصطلاحاً: قطع الصوت عن الكلمة زمنً ما يتنفس فيه القارئ عادة بنية استئناف القراءة إما بما يلي الحرف الموقوف عليه وذلك إن صلح الابتداء به، وإلا فبما قبله مما يصلح الابتداء به، لا بنية الإعراض عنها.
وتنبغي البسملة معه في فواتح السور ويأتي في رؤوس الآي وأوساطها، ولابد من التنفس معه ولا يأتي وسط الكلمة ولا فيما اتصل الذي يتعلق بالرسم لبيان المقطوع والموصول والثابت والمحذوف ونحو ذلك، ولا يوقف عليه إلا لحاجة كسؤال ممتحن، أو تعليم قارئ كيف يقف إذا اضطر لذلك.
الرابع : الاختياري: بالياء المثناة أسفل، وهو أن يقصد لذاته من غير عروض سبب م الأسباب المتقدمة، وهذا النوع من الوقف هو المقصود بيانه وهو على أربعة أقسام:
تام، وكاف، وحسن، وقبيح. وهذا: أي القبيح، وإن كان لا يصح الوقف عليه لكنه ذكر تتمة للأقسام ليتحرز منه، وإلا فالأقسام ثلاثة فقط كما ذهب إليه الحافظ ابن الجزري، رحمه الله، تام وكاف وحسن وهاك بيانها مفصلاً.
الأول: التام
وهو أن لا يكون له تعلق بما بعده البتة، أي لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى، فهو الوقف الذي اصطلح عليه الأئمة "بالتام" نظراً لتمامه المطلق.
حكمه: أنه يوقف عليه ويبتدأ بما بعده، واكثر ما يكون على رؤوس الآي وانقضاء القصص نحو: الوقف على "بسم الله الرحمن الرحيم" والابتداء بـ "الحمد لله رب العالمين"
ونحو الوقف على "مالك يوم الدين" والابتداء بـ "إياك نعبد وإياك نستعين"
ونحو: "وأولئك هم المفلحون" والابتداء بـ "إن الذين كفروا" و "إن الله على كل شيء قدير"
والابتداء بـ "يا أيها الناس اعبدوا ربكم" وما أشبه ذلك.
وقد يكون قبل انقضاء الفاصلة نحو:
"وجعلوا أعزة أهلها أذلة" هذا انقضاء حكاية كلام بلقيس ثم قال تعالى : "وكذلك يفعلون" رأس الآية.
وقد يكون في وسط الآية نحو :
"لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني" هو تمام حكاية قول الظالم وهو أبي ّ بن خلف ثم قال تعالى : "وكان الشيطان للإنسان خذولا".
وقد يكون بعد انقضاء الآية بكلمة نحو :
"لم نجعل لهم من دونها سترا" آخر الآية وتمام الكلام: "كذلك" أي في أمر ذي القرنين كذلك أي كما وصفه تعظيماً لأمره. أو كذلك كان خبرهم، على اختلاف بين المفسرين في تقديره مع إجماعهم على أنه التمام.
ونحو: "وإنكم لتمرون عليهم مصبحين" هو آخر الآية التمام "وبالليل" أي مصبحين ومليلين .
ونحوه: "وسرراً عليها يتكئون" آخر الآية، والتمام "وزخرفا".
وقد يكون الوقف تاماً على تفسير أو إعراب ويكون غير تام على آخر
"وما يعلم تأويله إلا الله" وقف تام على أن ما بعده مستأنف، وهو غير تام عند آخرين.
وقد يكون الوقف تاماً على قراءة، وغير تام على أخرى نحو:
"مثابة للناس وآمنا" تام على قراءة من كسر خاء "واتخذوا" وهي قراءة نافع وابن عامر.
وكافياً على قراءة من فتحها، وهي قراءة الباقين من القراء وهم ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي.
ونحو: "إلى صراط العزيز الحميد" تام على قراءة من رفع الاسم الجليل بعدها، وهي قراءة نافع وابن عامر.
وحسن على قراءة من خفض، وهي قراءة الباقين من السبعة وهم ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي.
وقد يتفاضل التام في التمام نحو: "مالك يوم الدين" و "إياك نعبد وإياك نستعين" كلاهما تام إلا أن الأول أتم من الثاني وذلك لاشتراك الثاني فيما بعده في معنى الخطاب بخلاف الأول.
وقد يتأكد استحبابه وذلك لبيان المعنى المقصود وهو ما لو وصل طرفاه لأوهم معنى غير المراد وهذا هو الذي اصطلح عليه السجاوندي (لازم) وعبر عنه بعضهم بالواجب.
وليس معناه الواجب عند الفقهاء يعاقب على تركه كما توهمه البعض نحو قوله تعالى:
"ولا يحزنك قولهم" والابتداء بـ "إن العزة لله جميعا" لئلا يوهم أن ذلك من قولهم.
وقوله: "وما يعلم تأويله إلا الله" عند الجمهور، وعلى "الراسخون في العلم" مع وصله بما قبله عند الآخرين.
وقوله تعالى: "أليس في جهنم مثوى للكافرين" والابتداء بـ "والذي جاء بالصدق" لئلا يوهم العطف.
ونحو قوله سبحانه: "أصحاب النار" والابتداء بـ "الذين يحملون العرش" لئلا يوهم الوصفية.
وقوله تعالى: "ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن" والابتداء بـ "وما يخفى على الله من شيء" لئلا يوهم وصل "ما" وعطفها وما جاء على هذا النحو.
الثاني: الكافي
وهو الوقف على ما تم معناه ولكن تعلق بما بعده معنى لا لفظاً، وهو الوقف المصطلح عليه "بالكافي" للاكتفاء به. واستغناء ما بعده عنه وهو كالتام في جواز الوقف عليه والابتداء بما بعده ويكثر في الفواصل وغيرها نحو:
"ومما رزقناهم ينفقون" وعلى "وما أنزل من قبلك" وعلى: "هدى من ربهم" وكذا: "يخادعون الله والذين آمنوا" وكذا: "إلا أنفسهم" وكذا: "إنما نحن مصلحون" وهذا كله كلام مفهوم، والذي بعده كلام مستغن عما قبله لفظاً وان اتصل معنى.
وقد يتفاضل في الكفاية كتفاضل التام نحو:
"في قلوبهم مرض" كاف، "فزادهم الله مرضا" أكفى منه، "بما كانوا يكذبون" أكفى منها.
وأكثر ما يكون التفاضل في رؤوس الآي: نحو:
"ألا إنهم هم السفهاء" كاف، "ولكن لا يعلمون" أكفى، "وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم" كاف، و "وإن كنتم مؤمنين" أكفى.
ونحو: "ربنا تقبل منا" كاف، "إنك أنت السميع العليم" أكفى.
وقد يكون الوقف كافياً على تفسير أو إعراب، ويكون غير كاف على آخر نحو:
"يعلمون الناس السحر" كاف: إذا جعلت "ما" بعده نافية. فإن جعلت موصولة كان (حسنا) فلا يبتدأ بها.
ونحو: "وبالآخرة هم يوقنون" كاف على أن يكون ما بعده مبتدأ خبره "على هدى من ربهم" وحسن على أن يكون ما بعده خبر "الذين يؤمنون بالغيب" أو خبر "والذين يؤمنون بما أنزل إليك".
وقد يكون كافياً على قراءة غير كاف على أخرى نحو: "ونحن له مخلصون"، كاف على قراءة من قرأ "أم تقولون" بالخطاب.. (وهم: ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي).
وتام على قراءة من قرأ بالغيب.. (وهم: نافع وابن كثير وأبو عمرو وشعبة).
وهو نظير ما قدمنا في التام.
ونحو: "يحاسبكم به الله" كاف على قراءة من رفع، فيغفر ويعذب.. (وهم: ابن عامر وعاصم).
وحسن على قراءة من حزم.. (وهم: نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر).
ونحو: "يستبشرون بنعمة من الله وفضل" كاف على قراءة من كسر "وإن" ( وهم الكسائي).
وحسن على قراءة من فتح: "وهم الباقون السبعة وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة).
وقد يتأكد استحبابه لبيان المعنى المقصود وهو ما لو وصل طرفاه لأوهم معنى غير المراد نحو: "وما هم بمؤمنين" والابتداء بـ "يخادعون الله" لئلا يوهم الوصفية حالاً.
ونحو: "زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا" والابتداء بـ: "والذين اتقوا" لئلا يوهم الظرفية بـ "يسخرون".
ونحو: "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض" والابتداء بـ "منهم من كلم الله" لئلا يوهم التبعيض للمفضل عليهم.
والصواب في ذلك جعلها جملة مستأنفة فلا موضع لها من الإعراب.
ونحو: "ثالث ثلاثة" والابتداء بـ "وما من غله إلا إله واحد" لئلا يوهم أنه من مقولهم.
وقد كان أبو القاسم الشاطبي رحمه الله، يختار الوقف على "أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً" والابتداء بـ "لا يستوون" أي لا يستوي المؤمن والفاسق ونحو ذلك.
الثالث : الحسن
هو الوقف على ما تم معناه وتعلق بما بعده لفظاً ومعنى يجوز الوقف عليه دون الابتداء بما بعده للتعلق اللفظي إلا أن يكون رأس آية فإنه يجوز في اختيار أكثر أهل الأداء لمجيئه عن النبي في حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي
"كان إذا قرأ قطع قراءته آية، آية يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم" ثم يقف ثم يقول: "الحمد لله رب العالمين" ثم يقف ثم يقول: "الرحمن الرحيم" "مالك يوم الدين".
رواه أبو داود ساكتاً عليه، والترمذي وأحمد، وأبو عبيدة وغيرهم، وهو حديث حسن وسنده صحيح.
وكذلك عد بعضهم الوقف على رؤوس الآي في ذلك سنة.
وقال أبو عمرو: وهو احب إلي. واختاره أيضاً البيهقي في شعب الإيمان، وغيره من العلماء وقالوا: الأفضل الوقوف على رؤوس الآيات وغن تعلقت بما بعدها. قالوا واتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته أولى.
نحو الوقف على "بسم الله" وعلى: "الحمد لله" وعلى "رب العالمين" وعلى: "الرحمن" وعلى: "الرحيم" و "الصراط المستقيم" ، و"أنعمت عليهم" الوقف على ذلك كله وما أشبهه حسن لأن المراد من ذلك يفهم.
ولكن الابتداء بـ "الرحمن الرحيم" و "رب العالمين" و "مالك يوم الدين" و "صراط الذين" و "غير المغضوب عليهم" لا يحسن لتعلقه لفظاً. فإنه تابع لما قبله إلا ما كان من ذلك على رأس آية، وقد تقدم الكلام فيه وأنه سنة.
وقد يكون الوقف حسناً على تقدير، وكافياً على آخر، وتاماً على غيرهما:
نحو قوله تعالى: "هدى للمتقين" يجوز أن يكون حسناً إذا جعل "الذين يؤمنون بالغيب" نعتاً "للمتقين" .
وان يكون كافياً إذا جعل "الذين يؤمنون بالغيب" رفعاً بمعنى: هم الذين يؤمنون بالغيب: أو نصباً بتقدير أعني الذين.
وان يكون تاماً إذا جعل "الذين يؤمنون بالغيب" مبتدأ، خبره "أولئك على هدى من ربهم".
وقد يتأكد استحبابه لبيان المعنى المقصود وهو ما لو وصل طرفاه لأوهم معنى غير المراد.
نحو الوقف على قوله تعالى: "من بني إسرائيل من بعد موسى" والابتداء بـ "إذ قالوا لنبي لهم" لئلا يوهم أن العامل فيه "ألم تر" .
ونحو: "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق" والابتداء بـ: "إذ قدما قرباناً".
ونحو: "واتل عليهم نبأ نوح" والابتداء بـ: "إذ قال لقومه".
كل ذلك ألزم السجاوندي بالوقف عليه لئلا يوهم أن العامل في "إذ" الفعل المتقدم.
وكذا ذكروا الوقف على "وتعزروه وتوقروه" ويبتدأ بـ: "وتسبحوه" لئلا يوهم اشترك عود الضمائر على شيء واحد، فإن الضمير في الأولين عائد على النبي ، وفي الآخر عائد على الله عز وجل.
وكذا ذكر بعضهم الوقف على "فأنزل سكينته على" والابتداء بـ: "وأيده بجنود" قيل لأن ضمير عليه لأبي بكر الصديق "وأيده" للنبي .
ونقل عن سعيد بن المسيب، ومن ذلك اختار بعض الوقف على: "وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت" والابتداء بـ: "وهو من الصادقين"، إشعاراً بأن يوسف عليه السلام من الصادقين في دعواه.
الرابع : القبيح
وهو الوقف على ما لم يتم معناه وتعلق بما بعده لفظاً ومعنى.
كالوقف على المضاف دون المضاف إليه: نحو: "بسم" من "بسم الله" وعلى: "رب" من "رب العالمين" وعلى: "مالك" ، "يوم" من "مالك يوم الدين".
أو على المبتدأ دون خبره نحو: "أنا" من "أنا أكثر منك مالاً".
أو على الفعل دون فاعله نحو: "ضرب، من "ضرب الله مثلاً".
أو على الموصوف دون صفته نحو: "إهدنا الصراط" من "إهدنا الصراط المستقيم".
أو على صاحب الحال دونها نحوك "وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما" دون: "لاعبين".
أو على المستثنى منه دون المستثنى نحو: "فشربوا منه" دون: "إلا قليلاً".
أو على الفعل دون مصدره نحو: "وكلم الله موسى" دون "تكليما"، و: "سلموا" دون "تسليما"، فكل ذلك لا يتم به كلام ولا يفهم منه معنى.
وحكمه: أنه لا يحسن الوقف عليه ولا الابتداء بما بعده إلا إذا كان مضطراً كأن عطس أو انقطع نفسه، فيقف عليه للضرورة، ويسمى وقف (ضرورة) ثم يرجع ويبتدئ ويصل الكلمة بما بعدها، فإن وقف وابتدأ كان قبيحاً.
وأقبح الوقف والابتداء الموهمان خلاف المعنى المراد كالوقف على قوله تعالى: "لقد سمع الله قول الذين قالوا" والابتداء بقوله: "إن الله فقير".
وقوله سبحانه: "وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه" فإن المعنى يفسد بهذا الوقف لأن المعنى أن البنت مشتركة في النصف مع أبويه، وغنما المعنى أن النصف للبنت دون الأبوين، ثم استأنف الأبوين بما يجب لهما مع الولد.
وكذا الوقف على قوله تعالى: "إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى" إذ الوقف عليه يقتضي أن يكون الموتى، يستجيبون مع الذين يسمعون، وليس كذلك بل المعنى أن الموتى يبعثهم الله.
وأقبح من هذا ما يحيل المعنى ويؤدي إلى ما لا يليق، والعياذ بالله. نحو الوقف على:
"إن الله لا يستحيي" و "فبهت الذي كفر والله" و "إن الله لا يهدي" و "لا يبعث الله" و "للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله" و "لا تقربوا الصلاة" و "من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل".
وأقبح من هذا وأبشع منه الوقف على المنفي الذي يجيء بعد إيجاب كالوقف على:
"وما من إله"، من قوله تعالى: "وما من إله إلا الله".
وكالوقف على: "وما أرسلناك" من قوله سبحانه: "وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً" ونحوها من الآيات الموهمة خلاف المعنى المراد، فإن وقف متعمداً عالماً بمعناه فقد ارتكب إثماً عظيماً وغن قصد المعنى الفاسد فقد كفر، والعياذ بالله.
تنبيه
اعلم أن الوقف في حد ذاته لا يتصف بوجوب ولا حرمة، ولم يوجد في القرآن وقف واجب يأثم القارئ بتركه ولا حرام يأثم بفعله وإنما يتصف بهما بحسب ما يعرض له من قصد إيهام ما لا يراد.
وأما الابتداء فلا يكون اختيارياً لأنه ليس كالوقف تدعو إليه ضرورة، فلا يجوز إلا بمستقل بالمعنى، موف بالمقصود. وهو في أقسامه كأقسام الوقف الأربعة، ويتفاوت تماماً وكفاية وحسناً وقبحاً بحسب التمام وعدمه وفساد المعنى إحالته نحو: "يد الله مغلولة" "إن الله فقير ونحن أغنياء" "المسيح ابن الله" "عزير ابن الله" "إن الله ثالث ثلاثة".
وقد يكون الوقف حسناً والابتداء به قبيحاً نحو:
"يخرجون الرسول وإياكم" الوقف عليه حسن لتمام الكلام، والابتداء به قبيح لفساد المعنى، إذ يصير تحذيراً من الإيمان بالله تعالى.
وقد يكون الوقف قبيحاً والابتداء به جيداً نحو:
"من بعثنا من مرقدنا هذا" فإن الوقف على هذا قبيح لفصله بين المبتدأ وخبره، ولأنه يوهم أن الإشارة إلى مرقدنا، وليس كذلك عند أئمة التفسير، والابتداء بهذا كاف أو تام لأنه وما بعده جملة مستأنفة رد بها قولهم.
قال الحافظ ابن الجزري (النشر 1/230):
ليس كل ما يتعسفه بعض المعربين أو يتكلفه بعض القراء أو يتأوله بعض أهل الأهواء مما يقتضي وقفاص أو ابتداء ينبغي أن يتعمد الوقف عليه، بل ينبغي تحري المعنى الأتم والوقف الأوجه. وذلك نحو الوقف على "وارحمنا أنت" والابتداء "مولانا فانصرنا" على معنى النداء وما جاء على النحو.
وقال ابن الجزري أيضاً: (انظر النشر في القراء العشر 1/334):
كل ما أجازوا الوقف عليه أجازوا الابتداء بما بعده.
وعلى ما ذكرنا يشير الحافظ ابن الجزري في الجزرية بقوله:
وبعد تجويدك للحروف ... لابد من معرفة الوقوف
والابتداء وهي تقسم إذن ثلاثة: تام وكاف وحسن
وهي لما تم فإن لم يوجد ... تعلق أو كان ذا معنى فابتدي
فالتام فالكافي ولفظاً فامنعن ... إلا رؤوس الآي جوز فالحسن
وغير ما تم قبيح ولــــــــه ... يوقف مضطراً ويبدا قبلــــــه
وليس في القرآن من وقف ... وجب ولا حرام غير ما له سبب
علامات الوقف في المصحف
م: علامة الوقف اللازم نحو: وما يعلم تأويله إلا الله." ، "إنما يستجيب الذين يسمعون." ، "ولا يحزنك قولهم." .
قلى: علامة الوقف الجائز مع كون الوقف أولى نحو: "ما يعلمهم إلا قليل." ، "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.".
صلى: علامة الوقف الجائز مع كون الوصل أولى نحوك "إنما أنت منذر." ، "ألا تتبعن. أفعصيت أمري" ، "وعنت الوجوه للحي القيوم.".
ج: علامة الوقف الجائز مع جواز مستوى الطرفين نحو: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء." ، "قل إني على بينة من ربي وكذبتم به.".
.. .. علامة تعانق الوقف بحيث إذا وقف على احد الموضعين لا يصح الوقف على الآخر نحو: "ذلك الكتاب لا ريب. فيه. هدى للمتقين" ، "قال فإنها محرمة عليهم. أربعين سنة.".
لا: علامة الوقف الممنوع نحوك "ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام." ، "الذين تتوفاهم الملائكة طيبين. يقولون سلام عليكم" ، "وإذا بدلنا آية مكان آية." ، "لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين.".

طباعة


روابط ذات صلة

  الْتِّبْيَانُ فِيْ آَدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآَنِ (1)  
  الْتِّبْيَانُ فِيْ آَدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآَنِ (2)  
  الْتِّبْيَانُ فِيْ آَدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآَنِ (3 أ)  
  الْتِّبْيَانُ فِيْ آَدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآَنِ (3 ب)  
  الْتِّبْيَانُ فِيْ آَدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآَنِ (4)  
  الرد على الشيخ / أبو إسحاق ( فيما وهم من سورة الكهف )  
  وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ  
  رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ  
   وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا  
  إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي  
   التفسير والإسرائيليات (1)  
  التفسير والإسرائليات (2)  
  التفسير والإسرائليات (3)  
  التفسير والإسرائليات (4)  
  التفسير والإسرائليات (5)  
  التفسير والإسرائليات (6)  
   الناسخ والمنسوخ في القرآن ( 1 )  
  الناسخ والمنسوخ في القرآن ( 2 )  
  الناسخ والمنسوخ في القرآن ( 3 )  
  كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (1)  
  كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (2)  
  فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ الْنَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ  
  التفسير والإسرائيليات ( 7 ) في قصة هاروت وماروت  
  التفسير والإسرائيليات ( 8 ) في قصة بلقيس ملكة سبأ  
  إِنَّني أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكر  
  (( والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا ))  
  (( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ))  
  (( إِنَّ عِــدَّةَ الشُّهُــورِ عِنْــدَ اللَّهِ ))  
  نظرات في علوم القرآن والتفسير (1)  
  (( حــرق القــرآن في بلاد الإســلام ))  
  الليالي العشــر والأيام المعدودات والمعلومات  
  (( ســـورة الفجـــر ... والليــالي العشـــر ))  
  (( الفرقان بين أهل القرآن وأهل الطغيان ))  
  الليالي العشــر والأيام المعدودات والمعلومات  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 907863

تفاصيل المتواجدين